مشاكل قطاع التربية لا تنتهي .. منشطات للدراسة ومواضيع الامتحانات في المزاد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يبقى قطاع التربية في بلادنا يعرف تجاذبات كثيرة، بسبب العديد من النقائص والمشاكل التي يعرفها. ولكن، بالرغم من أن مطالب الأساتذة التي جاءت بعد إضراب تجاوز الشهرين قد لقيت الإستجابة من طرف الوزارة الوصية، إلا أن هناك مشاكل كثيرة مازالت المنظومة التربوية تتخبط فيها، أساسها الأستاذ والتلميذ، وتفتح بابا واسعا للنقاش ولإعادة النظر أيضا، فلا الأجور ولا العلاوات يمكنها أن تكون عبارة عن الشجرة التي تغطي الغابة، بداية من ساعات الدراسة العادية إلى اكتظاظ البرنامج التربوي، حيث وبعملية حسابية، يجد التلميذ والأستاذ في نفس الوقت نفسه أمام كمّ هائل من الدروس وفي وقت يمكن أن يقال عنه قياسيا، فضلا عن ظروف التدريس التي أصبحت تشكل عبئا ثقيلا على الأستاذ، بل وأكثر من ذلك، دفعت إلى بروز ظواهر غريبة تنخر جسد المنظومة التربوية ولكن لم تطف بعد للسطح.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ساعات التدريس ترهق الأستاذ والتلميذ
قال أحد الأساتذة إن أوضاعهم كانت هي السبب في الإضراب الذي تجاوز الشهرين خلال السنة الدراسية الجارية، والذي تم إيقافه عندما قدمت وزارة التربية الوطنية وعودا بالاستجابة لمطالبهم.
وأضاف المتحدث، وهو أستاذ التعليم الأساسي بإحدى المدارس الإبتدائية بقلب العاصمة، أن آداء هذه المهنة النبيلة يتطلب الكثير من التضحيات وتحسين ظروف العمل، خصوصا وأن الأستاذ أصبح يتحمل مشقة العمل لساعات طويلة دون انقطاع، أمام أقسام مكتظة يتجاوز عدد التلاميذ فيها الخمسة والثلاثين، حيث أوضح محدثنا قائلا: هناك أقسام يتجاوز عدد التلاميذ فيها الأربعين بل والخمسين، إذهبوا إلى المدن الداخلية أين وضعية الأساتذة والتلاميذ في نفس الوقت تعد مأساوية، مما يؤثر على التحصيل الدراسي والعلمي للتلميذ والأستاذ على حد سواء.
ومن جانب آخر، قالت أستاذة أخرى في إحدى متوسطات العاصمة، إن المشكل المطروح أيضا علاوة على مطلب رفع الأجور، هو كثافة الدروس التي لا تخدم التلميذ ولا الأستاذ، فالأول مطالب بجهد أكبر من قدرته العقلية والذهنية والنفسية والجسدية للاستيعاب، والثاني مطالب بتقديم جهد أكبر في توضيح الدروس. وأضافت أن النتيجة هي توجه العشرات من التلاميذ إلى تلقي الدروس الاستدراكية، وهو ما يؤثر أيضا على ميزانية الأسر.
ومن جانب آخر، قالت المتحدثة أنها تنتظر من السلطات العليا للبلاد أن تأخذ بعين الاعتبار الدروس المقدمة للتلاميذ، خاصة في كثافة حجم الدروس المقدمة يوميا. وأضافت أنه على الجهات المعنية مراعاة الجهاز التربوي الذي يحتاج إلى تشجيع وتكوين وتدريب ورسكلة أيضا، خصوصا وأن البرامج التربوية تتغير من سنة إلى أخرى، وهو ما يؤثر على طريقة تقديم الدروس ومستوى المدرسين والتلاميذ على حد سواء.
الصحة في خطر
الحديث عن ظروف الأساتذة يدفعنا أيضا للحديث عن يومياتهم المقلقة، والتي تدفع بالكثيرين إلى فقدان صوابهم، وهو ما ذكره أستاذ بثانوية بالعاصمة، وهو الذي أكد وبجملة مقتضبة في تصريح لـ"الخبر الأسبوعي" بأن "صحة الأستاذ الجزائري في خطر".
وحول ذلك، شدد المتحدث، وهو أستاذ في سلك التعليم الثانوي منذ 22 سنة، على أن التعليم من أصعب المهن في بلادنا، وربما في العالم أجمع، لأنه هو الرابط الأساسي بين الأسرة وأفرادها والمجتمع. فبعد الأسرة، يلتقي الأولاد في المدارس ويصقلون مواهبهم أو معارفهم أو تطلعاتهم وينمون عقولهم.
وأكد أن الظروف التي يشهدها الأستاذ تجعله يدخل في محيط من الروتين اليومي ولا يبحث عن التجديد، خصوصا في ظل تحول المجتمع الجزائري واتجاهه نحو عصرنة كل شيء، بما فيها القيم التي أصبح يحكمها الأنترنت. وهنا، فتح محدثنا قوسا كبيرا بالقول إنه عندما يطلب الأستاذ بحثا من تلاميذه يجدها التليمذ سهلة، حيث يلجأ إلى الأنترنت ضالته الأولى والأخيرة لإيجاد بحث جاهز، دون مشقة ولا تعب ولا حتى لذة بحث كبيرة: "كنا نحن في القديم نجدها في الدراسة، أما الآن فالتلميذ يدفع عنها أقل من 100 دينار وانتهى الموضوع"، يقول الأستاذ.
وأضاف أنه علاوة على الأنترنت، أصبح التلاميذ لا يحبون الدراسة ولا حتى البحث عن النجاح، فالأهم عندهم هي الماديات التي طغت على حياتنا، فهم يريدون السيارات الفارهة دون البحث عن أسباب الحصول عليها، فضلا عن كونهم تقيدوا بالمثل الشعبي القائل "اللي قرا واش دار بيها". لذا، يجد الأستاذ نفسه أمام ذهنيات صعبة المراس، والتي تحتاج إلى دراسة معمقة وأساليب جديدة في التدريس، وهو ما يحتاج جهدا كبيرا للوصول إلى ذلك، خصوصا وأن المجتمع يحتاج إلى المفكرين والإطارات والدكاترة والأساتذة والتربويين، وليس إلى الماديات فقط.
وأضاف محدثنا أن قطاع التربية يحتاج إلى إعادة نظر في القريب العاجل، لأنه مستقبل الأجيال القادمة، وأيضا مستقبل الملايين التي لا يستهان بها، ونتحمل مسؤولية تربيتها وتقديمها للمجتمع.
وعن صحة الأستاذ، قال محدثنا إن صحته النفسية والذهنية معرضة للخطر بسبب الضغوطات التي يجدها، بالنظر إلى البرنامج المكتظ، فضلا عن عقلية التلاميذ التي تغيرت. ففي الكثير من الأحيان، يتعرض الأستاذ للشتم والسب وحتى الضرب والتحرش، سواء داخل الحرم المدرسي أو خارجه، يواصل الأستاذ.
كما أن الأستاذ الجزائري مازال يقدم الدروس في السبورة والطباشير الذي يؤثر كثيرا على صحته، وهو ما تسبب في مرض العديد من الأساتذة بأمراض تنفسية حادة وعلى مستوى الكليتين، فضلا عن العصبية الزائدة.
تقرير يعرّي التدريس في الجزائر
طالبت النقابة الوطنية لعمال التربية بإعادة النظر في الحجم الساعي للعمل بالنسبة للأستاذ، حيث أن المدرس مطالب عالميا وقانونيا بـ18 ساعة فقط، مشيرا إلى أن الساعات الإضافية تنعكس سلبا على أداء وعمل المربي داخل القسم.
وكشف تقرير أعدته النقابة أن الأساتذة والمعلمين ببلادنا يقدمون من 18 إلى 30 ساعة عمل أسبوعيا، وقد تصل أحيانا إلى 40 ساعة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الساعات الخاصة بتحضير الدروس، بحيث أن كل ساعة عمل تقابلها ساعة وربع تحضير.
وجاء في التقرير أن جهد المدرس يشمل التدريس داخل القسم، بالإضافة إلى إعداد الدروس والفروض وتصحيحها، إلى جانب المشاركة في مجالس الأقسام ومجالس التوجيه، معلنا في ذات السياق بأن المدرّس في التعليم الابتدائي يقدم 30 ساعة تدريس أسبوعيا، في حين يقدم المدرّس في التعليم المتوسط 22 ساعة. بالمقابل، فإن المدرّس في التعليم الثانوي يقدم 18 ساعة عمل في الأسبوع في القسم وبحضور التلاميذ، رغم أن المدرّس مطالب بـ18 ساعة عمل في الأسبوع في قسم لا يتعدى به عدد التلاميذ 25 تلميذا كحد أقصى، وذلك حسبما حددته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو".
كما جددت النقابة مطالبتها بالتخفيض في سن التقاعد إلى 25 سنة من الخدمة الفعلية أو لدى بلوغ المرأة 50 سنة.
وبخصوص الساعات الإضافية، فإن المدرّس في غالب الأحيان يقوم بتقديم ساعات عمل إضافية من ساعتين إلى 4 ساعات، لا يختارها طواعية وإنما يتم فرضها عليه ضمن جدول أوقاته الأسبوعي. ومن ثمة، فإن القاعدة العامة للتدريس تصبح 22 ساعة تتركب من 18 ساعة في القسم، بالإضافة إلى الساعات الإضافية التي تصل إلى 4 ساعات، وكذا ساعات التحضير التي تأخذ من وقت المدرّس ربع ساعة يوميا.
وأضاف التقرير أن الساعات الإضافية للعمل تؤثر سلبا على الحياة المهنية للمدرّس، بحيث يعتبر هذا الجهد الإضافي تمديدا في سنوات العمل، خاصة في ظل اكتظاظ الأقسام، في الوقت الذي بلغ فيه معدل التلاميذ في القسم 35 تلميذا. وعليه، فإن المدرّس يجد نفسه معرضا للإصابة بالعديد من الأمراض، كالقلب، الشرايين، أمراض العظام والعمود الفقري، الحنجرة، الحساسية والأمراض الجلدية.
وطالبت النقابة الوطنية لعمال التربية بضرورة تطبيق المعايير العالمية على حصة الدرس التي أصبحت حاليا تحدد بـ45 دقيقة، مع التخفيض التدريجي في ساعات العمل بعد 15 سنة عمل، كما هو مطبق في الدول الأوروبية، بالإضافة إلى فتح المجال للمدرّس للاستفادة من تكوين لمدة سنة كاملة، سواء داخل الوطن أو خارجه، وذلك بعد مرور 10 سنوات على الخدمة الفعلية، بغية تقوية قدراته المعرفية وكذا للاستفادة من الراحة. وذكر التقرير أن المعدل العالمي الذي حددته منظمة اليونسكو يتحدث عن 10 تلاميذ في القسم فما فوق. لذا، فإن المدرّس يشتغل فعليا سنوات الخدمة المطلوبة، يضاف إليها ما يقارب نصف الحياة المهنية، في الوقت الذي أكد أن المجهود الإضافي الذي يقدمه المدرس لا يمكن احتسابه ولا تعويضه ماديا.
فتيحة. ز
31/03/2010
الخبر الأسبوعي الجـزائريـة