بيتزا الدروس الخصوصية
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
عبداللطيف الزبيدي
تحتاج وزارات التربية والتعليم العربية إلى دورة مكثفة في فقه الدعابة السوداء،حتى تدرك ما وراء الدروس الخصوصية من مفارقات .وسأتحدث بصيغة الجمع حتى يتوزع الدم بين القبائل .سيرى الأساتذة الخصوصيون أن غايتي هي قطع الأرزاق،وليس لي من مرمى غير قطع الأرزاء .[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
عبداللطيف الزبيدي
يقيناً، إن الدروس الخصوصية دليل على أن نظام التعليم يعاني فقر الدم .ولا أرمي من يقول خلاف هذا بأنه متحفظ أو ذو مصلحة .فالنظم التعليمية المتقدمة،تحمل على كاهلها مراجعة الدروس،واضعة في الحسبان أن يكون الأبوان عاجزين ،من حيث السن أو الصحة أو مستوى التعليم . . .عن الإشراف على دراسة الأبناء .
مواطن المفارقات هنا لا حصر لها،لأن المضطلعين بالدروس الخصوصية هم هم مدرّسو النظام التعليمي .فكيف يفشلون على المسرح ويتألقون في الكواليس؟
الذريعة باطلة إذا قيل إن الصفوف مكتظة بالطلاب،فينهل بعض ويُحرم آخرون . هذه مسؤولية الوزارة .ولا حجة لمن يدّعي أن الدروس مركزة مكثفة وصعبة ،لا يكفي لشرحها الوقت المقرر .على رأي “النفري”: “إذا اتسع المعنى،ضاقت العبارة” .
يجب أن ننقل القياس بعيدا ،إلى ميادين أخرى،لندرك أننا لسنا كسيف أبي تمام:
“في حدّه الحدّ بين الجدّ واللعب” . هل ينبغي لأحد أن يطلب من أعوان الشرطة حمايته،خارج ساعات عملهم،مقابل المال؟ وهل يرجو الناس أطباء المستشفيات نقل الفحوص إلى المنازل،لأن الطب في المستشفيات الحكومية غير مُجد؟ وقس على ذلك . . .
تصبح الدروس الخصوصية داء خطرا، إذا كان صاحبها هو أستاذ الطالب في المدرسة . عندئذ تسقط كل مقاييس الكفاءة والاجتهاد والاستعداد . يغدو النجاح مدفوع الثمن، والانتقال إلى الصف التالي مثل حجز غرفة في فندق،أو تذكرة طائرة . يصير الفساد إفساد نظام تربوي تعليمي، وزرعا لفكرة دخول البيوت من غير أبوابها في الأذهان . ولن يثق الطالب الضحية في أية قيمة مهنية بعد ذلك . وسيقول في نفسه: إذا كنت أنا، وما أدراك من أنا، هكذا، فما بالك بالآخرين؟
يجب ألا نغفل مسؤولية الآباء، فهم شركاء في هز أركان النظام التعليمي، الذي يفترض نظريا أن يكون سليما قويما . فقد تكون حاجة الطالب إلى الدروس الخصوصية، ناجمة عن سوء التوجيه كإكراهه على فرع لا يناسب ميوله، ولا يلائم استعداداته . والأنكى هو أن أولياء أمور الطلاب ،يدفعون المدرسين إلى الإيمان بأن الضمير المهني خطر على جيوبهم، وأن الإحساس بالمسؤولية يجفف المنابع، وأن التفاني في التدريس يفني القيمة المضافة . أسوأ من كل ذلك أن الدروس الخصوصية عدوان صارخ على جهود الطلاب المجتهدين المتفوقين،إذا جلب المال للطالب نتائج أفضل بمجهود أقل .
حرام أن يصبح التعليم مثل البيتزا في “خدمة الإيصال إلى المنازل” .