– الشك : يحدث الشك بصدد ما يعتقد الإنسان أنه يعرفه مما يستوجب الفحص والتيقن بعد هدوء الدهشة وانتهاء التعجب بفضل معرفة الواقع ينتاب الإنسان الشك حيث ينهض لفحص المعارف المجتمعة لديه فحصا نقديا ينفي معه اليقين في كل شيء فالإدراكات النقدية مشروطة بالحواس وتخدم الإنسان أما صور التفكير وتمتزج في متناقضات، فإذا رغبنا في التفلسف تملكنا الشك حيث يكون في مقدرونا أن ننساق وراء شهوة الإنكار ونبحث عن يقين يخرجنا من قبضة الشك ويصمد أمام كل فحص نقدي صادق.
إن قولة ديكارت الشهيرة +أنا أفكر إذا أنا موجود+ قد بدت له أنها أمر بديهي لا يقبل الشك حينما يكون يشك في كل ما عداها، فإن الفلسفة الديكارتية تبدأ من الشك إلى اليقين، هذه الإرادة الشكية التي تجعل الإنسان بوجود لا يقبل الشك باعتبار التفكير دليل على الوجود تبعا للمبدأ القائل بأن العدم لا صفة ولا خاصية له، فالتفكير الحقيقي عند ديكارت هو ما يجعلنا نعرف ونتلقن مباشرة أننا نقوم بالأفعال، فالتفكير هو وعي مباشر هو معرفة الأنا لذاته والتفكير هنا ليس بشيء إلا الانتباه الإنسان الذي وجهه لذاته ويفطن بها، إلا أنه هو الكائن الذي تنسب له كل الأفعال الصادرة عنه حتى ولو كانت هذه الأفعال تخص الإنسان وحده كالمشي والتغذي، إن الكوجيكو الديكارتي مرتبط باللحظة حيث يقول ديكارت إني موجود طالما كنت أفكر وقد يحدث عندما نتوقف عن التفكير لحظة أن أتوقف كذلك عن الوجود، وهنا يصبح الشك منهجا يترتب عنه فحص نقدي لكل معرفة، ونستخلص أنه ليست هناك فلسفة حقيقية دون أن يكون هناك شك في الأصل.