إنما الناس رجلان، رجل في أمة وأمة في رجل...
فمن أنت؟
وما هو دورك في هذه الحياة؟
لا بد من هذا السؤال، ولا بد من الإجابة عليه؛ لأن الإجابة على هذا السؤال هي تحديد للهدف ورسم للطريق وتوضيح للمنهج، وإضاءة للحياة، واستغلال للعمر، وتوجيه للطاقة.
قف الآن، واسأل نفسك، من أنا في وسط هذه الأمة؟!
إن كنت لا تنظر إلا في عطفيك، ولا تحمل إلا هم نفسك وأسرتك، ولا يشغل بالك ويقلق بالك إلا النظر في شأن أبناءك وزوجك، ولا يهمك ويغمك إلا ما ستأكله اليوم وما ستلبسه غدا، فاعلم أنك لا تعدو أن تكون لقمة من قصعة الأكلة، وقشة من غثاء السيل الذي أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا أمن قلة نحن يا رسول الله قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل" إن كنت من هؤلاء وأعيذك بالله أن تكون، فاعلم أنك ممن قصد الله عز وجل بقوله: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً}...
أنت لن تكون من هؤلاء، ولا ينبغي لك أن تكون... لأنك بإعلانك لكلمة التوحيد ونطقك بالشهادتين قد وقعت مع الله عز وجل عهدك، وتبوأت من البنيان الذي يشد بعضه بعضا مكانك، وانضممت إلى صف {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ} وأصبحت من {أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وأخذت موقعك من {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ} وحملت راية {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي}...
إنك منذ أن تمسكت بكلمة التقوى وأصبحت من أهلها تحولت من العدم إلى الوجود، تحولت من الجحيم إلى النعيم، من الذل إلى العز، من الشقاء إلى السعادة، من السخط إلى الرضوان، من اليسار إلى اليمين، من حزب الخاسرين إلى حزب المفلحين، فافخر بنفسك، واحمد الله ربك، واعرف جيدا من أنت، إنك مسلم، عبد الملك الجبار الذي لم يخلق هذا الكون إلا لك، ولم يبدع الجمال إلا من أجلك...
إنك أنت سيد الكون حين يأمرك فتطيع، وينهاك فتنصاع، حين يعطيك فتشكر، ويبتليك فلا ترتاع، فهو يربيك بنعمه، وينظر إليك بعينه، يفرح بتوبتك، ويحميك من نفسك وهواك وشيطانك، تدعوه فيعطيك، وتتعوذ به فيحميك، تنام في حفظه، وتستيقظ في عنايته {قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ*أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُم مِّن دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنفُسِهِمْ وَلَا هُم مِّنَّا يُصْحَبُونَ}...
إن قدرك عنده عظيم، وحرمتك لديه أشد من حرمة البيت، بعث إليك أنبياءه، وأخدمك ملائكته، فريق يصعد وفريق ينزل، وأقلام وألواح، وكتبة وحافظون، وملائكة عن اليمين وملائكة عن اليسار، وملائكة للريح وملائكة للمطر وملائكة للجبال، كلهم في خدمتك أنت {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ} {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ*كِرَامًا كَاتِبِينَ*يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}...
أنت الذي تفرح بك الأرض وتستبشر بك السماء، تعرفك الكائنات التي تسبح معها، ويبكي لفراقك موضعان، موضع في الأرض وموضع في السماء، فأما الذي في الأرض فموضع سجودك، وأما الذي في السماء فموضع رفع دعائك، إنك أهم من يمشي على الأرض.
قد يأخذك الشيطان أسيرا، فيقيدك بحباله، ويجرك عن طريقك، ويبعدك عن أهدافك، ويسجنك في سراديب الهوى وزنازين الشهوات، لكنك حينئذ لست سوى أسير يوشك أن تفك عنه قيوده، وترفع عنه أغلاله، فليس المحارب إلا محارباً وإن نزع عنه سلاحه، وليس الجندي إلا جندياً وإن مزقت شاراته، ولست أنت إلا مسلماً عبدا لله، يوشك أن يمسك ربك برحمة منه وفضل، ويعتقك من ربقة الأسر، فتعود إلينا عودا حميدا...
كم رأينا وكم سمعنا من هؤلاء الأسرى الذين عادوا ففاتوا غيرهم، وسبقوا من كان سبباً في هدايتهم، وإني لأعرف شخصياً أحد الدعاة إلى الله، كان لا يفيق من سكره، منغمسا في المعاصي إلى أذنيه، فما أن من الله عليه بالهداية، حتى أصبح مشعل نور يمشي على الأرض، وعلى رأس هؤلاء العائدين الفضيل بن عياض الذي كان لصا قاطع طريق، وأصبح علما من أعلام الأمة.
إنك إن عرفت مكانك وعرفت هدفك وعرفت ربك فلن يضرك معصية ألمت، أو شهوة أغرت، أو فتنة أضلت، لأن بينك وبين الهداية كلمة تقولها، صادقة من قلبك تبعثها، فترتفع إلى السماء لتنزل الهداية على قلبك، فيغير الله ما بك، ويبعثك من جديد، استمع إلى ربك وهو يخاطبك في الحديث القدسي إذ يقول "يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم"إنها هداية الله التي تتجاوز الأسباب، وتخترق حجب القلوب {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}.
وبعد:
إنك واحد ممن ينطق كلمة لا إله إلا الله، وما أدراك ما لا إله إلا الله، إنها الكلمة التي من أجلها خلقت السماوات والأرض، لقد نطقتَ بها حين حرمها ملايين البشر، فكررها الآن على لسانك، واحملها في حنايا فؤادك، واشدد كتاب الله بيمينك،
واخرج إلى العالم ليعرفوا الآن
من أنت...
[i]
فمن أنت؟
وما هو دورك في هذه الحياة؟
لا بد من هذا السؤال، ولا بد من الإجابة عليه؛ لأن الإجابة على هذا السؤال هي تحديد للهدف ورسم للطريق وتوضيح للمنهج، وإضاءة للحياة، واستغلال للعمر، وتوجيه للطاقة.
قف الآن، واسأل نفسك، من أنا في وسط هذه الأمة؟!
إن كنت لا تنظر إلا في عطفيك، ولا تحمل إلا هم نفسك وأسرتك، ولا يشغل بالك ويقلق بالك إلا النظر في شأن أبناءك وزوجك، ولا يهمك ويغمك إلا ما ستأكله اليوم وما ستلبسه غدا، فاعلم أنك لا تعدو أن تكون لقمة من قصعة الأكلة، وقشة من غثاء السيل الذي أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا أمن قلة نحن يا رسول الله قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل" إن كنت من هؤلاء وأعيذك بالله أن تكون، فاعلم أنك ممن قصد الله عز وجل بقوله: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً}...
أنت لن تكون من هؤلاء، ولا ينبغي لك أن تكون... لأنك بإعلانك لكلمة التوحيد ونطقك بالشهادتين قد وقعت مع الله عز وجل عهدك، وتبوأت من البنيان الذي يشد بعضه بعضا مكانك، وانضممت إلى صف {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ} وأصبحت من {أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وأخذت موقعك من {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ} وحملت راية {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي}...
إنك منذ أن تمسكت بكلمة التقوى وأصبحت من أهلها تحولت من العدم إلى الوجود، تحولت من الجحيم إلى النعيم، من الذل إلى العز، من الشقاء إلى السعادة، من السخط إلى الرضوان، من اليسار إلى اليمين، من حزب الخاسرين إلى حزب المفلحين، فافخر بنفسك، واحمد الله ربك، واعرف جيدا من أنت، إنك مسلم، عبد الملك الجبار الذي لم يخلق هذا الكون إلا لك، ولم يبدع الجمال إلا من أجلك...
إنك أنت سيد الكون حين يأمرك فتطيع، وينهاك فتنصاع، حين يعطيك فتشكر، ويبتليك فلا ترتاع، فهو يربيك بنعمه، وينظر إليك بعينه، يفرح بتوبتك، ويحميك من نفسك وهواك وشيطانك، تدعوه فيعطيك، وتتعوذ به فيحميك، تنام في حفظه، وتستيقظ في عنايته {قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ*أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُم مِّن دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنفُسِهِمْ وَلَا هُم مِّنَّا يُصْحَبُونَ}...
إن قدرك عنده عظيم، وحرمتك لديه أشد من حرمة البيت، بعث إليك أنبياءه، وأخدمك ملائكته، فريق يصعد وفريق ينزل، وأقلام وألواح، وكتبة وحافظون، وملائكة عن اليمين وملائكة عن اليسار، وملائكة للريح وملائكة للمطر وملائكة للجبال، كلهم في خدمتك أنت {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ} {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ*كِرَامًا كَاتِبِينَ*يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}...
أنت الذي تفرح بك الأرض وتستبشر بك السماء، تعرفك الكائنات التي تسبح معها، ويبكي لفراقك موضعان، موضع في الأرض وموضع في السماء، فأما الذي في الأرض فموضع سجودك، وأما الذي في السماء فموضع رفع دعائك، إنك أهم من يمشي على الأرض.
قد يأخذك الشيطان أسيرا، فيقيدك بحباله، ويجرك عن طريقك، ويبعدك عن أهدافك، ويسجنك في سراديب الهوى وزنازين الشهوات، لكنك حينئذ لست سوى أسير يوشك أن تفك عنه قيوده، وترفع عنه أغلاله، فليس المحارب إلا محارباً وإن نزع عنه سلاحه، وليس الجندي إلا جندياً وإن مزقت شاراته، ولست أنت إلا مسلماً عبدا لله، يوشك أن يمسك ربك برحمة منه وفضل، ويعتقك من ربقة الأسر، فتعود إلينا عودا حميدا...
كم رأينا وكم سمعنا من هؤلاء الأسرى الذين عادوا ففاتوا غيرهم، وسبقوا من كان سبباً في هدايتهم، وإني لأعرف شخصياً أحد الدعاة إلى الله، كان لا يفيق من سكره، منغمسا في المعاصي إلى أذنيه، فما أن من الله عليه بالهداية، حتى أصبح مشعل نور يمشي على الأرض، وعلى رأس هؤلاء العائدين الفضيل بن عياض الذي كان لصا قاطع طريق، وأصبح علما من أعلام الأمة.
إنك إن عرفت مكانك وعرفت هدفك وعرفت ربك فلن يضرك معصية ألمت، أو شهوة أغرت، أو فتنة أضلت، لأن بينك وبين الهداية كلمة تقولها، صادقة من قلبك تبعثها، فترتفع إلى السماء لتنزل الهداية على قلبك، فيغير الله ما بك، ويبعثك من جديد، استمع إلى ربك وهو يخاطبك في الحديث القدسي إذ يقول "يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم"إنها هداية الله التي تتجاوز الأسباب، وتخترق حجب القلوب {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}.
وبعد:
إنك واحد ممن ينطق كلمة لا إله إلا الله، وما أدراك ما لا إله إلا الله، إنها الكلمة التي من أجلها خلقت السماوات والأرض، لقد نطقتَ بها حين حرمها ملايين البشر، فكررها الآن على لسانك، واحملها في حنايا فؤادك، واشدد كتاب الله بيمينك،
واخرج إلى العالم ليعرفوا الآن
من أنت...
[i]