الرئيسية
أحدث الصور
نائب نيابة وجدة أنكاد السابق نقل ولم ينتقل
لقد جاء انتقال السيد الناجي شكري نائب نيابة وجدة أنكاد مفاجئا للجميع. ولصلتي به لم أستسغ انتقاله الفجائي والسريع لعلمي باهتمامه واشتغاله بالعديد من المشاريع الهادفة إلى النهوض بنيابة متراكمة المشاكل عبر عقود من السنين. ولم تسنح لي الفرصة للقائه بعد رحيله لمعرفة سبب انتقاله. وقد سنحت لي هذه الفرصة خلال هذا الأسبوع إذ زارنا مشكورا على رعايته صلة الأخوة في الله. وما كدت أعاتبه على رحيله حتى فوجئت بأن الرجل لم يطلب انتقالا ، وإنما مورس عليه نقل من طرف الوزارة الوصية دون طلب أو رغبة منه.
فالقضية إذن قضية نقل وليست قضية انتقال . وإذا ما كانت القضية كذلك فلصالح من تم نقل السيد الناجي شكري ؟ وما هي الجهة التي استشيرت لتنفيذ هذا النقل ؟ لست أشك في أن المستهدف في عملية النقل هذه هو طموحات السيد شكري الذي كان يحرك بجد عصا التنظيف في مستنقع آسن من أجل الإجهاز على مصدر العفن المتراكم في أم النيابات بالجهة الشرقية. لقد وضع السيد الناجي لأول مرة يده على ملفات مخجلة وحاول تصفيتها بطرق تعيد للنيابة هيبتها المفقودة. وكانت محاولاته تضايق من عدة جهات لها مصالح في شراء صمته ، وهو فتى جسور لا يساوم في صمت على فساد كما عهدته. وقد يقول قائل لقد أفلتت من شباكه بعض الحيتان الفاسدة فأقول إن الأيادي غير الخفية التي أوعزت للوزارة نقله هي التي أخرجت هذه الحيتان من الشباك لتنشر فسادا أكبر ، وليصير الفساد مبررا بعد إضفاء المشروعية عليه .
فالجهة التي استطاعت نقل السيد الناجي تستطيع أن تطمر ملفات فاسدة كان قد وضع يده عليها. فما أعرفه عن السيد الناجي ـ ولست ممن يجامل في باطل ـ أنه كان يحرص كل الحرص على هيبة النيابة ولا يقبل تجاوز هذه الهيبة من أية جهة كانت. وكان يركب الشفافية في قراراته إلا أن تتدخل جهات لها في بعض القضايا نوق وجمال فتسدل عليها ستار الكتمان أو التمويه . والذي لا يعرف الأستاذ الناجي قد يرجع مسؤولية بعض هذا الكتمان أو التمويه له ، والحقيقة خلاف ذلك لأنه كان يتنكب طريقة نشر الغسيل الداخلي في الجهة ، والكشف علانية عن رفضه خروقات فاضحة ،وإن كان لا يتردد في التعبير عن وجهة نظره مع من يهمهم الأمر، ولكن ما كل ما يدور في كواليس المسؤولين يظهر للرأي العام . لقد وقفت على مواقف شجاعة للأستاذ الناجي قال فيها كلمة حق ، وانتصر للمظلومين ، وشهد بما علم في نوازل ، ولم يشهد شهادة زور ، وجنب نفسه لعنتها التي تلحق وتلاحق أصحابها إلى يوم الدين.
لقد كان دأب الأستاذ الناجي التزام تطبيق المساطر القانونية . ومعلوم أن التزام هذه المساطر هو العدو اللدود لأصحاب المصالح الشخصية المهددة لهذا كانت صيحات الاحتجاج من طرف أصحاب المصالح الشخصية تعلو بين الحين والآخر ضد السيد الناجي من أجل منعه من الحفر في مستنقعات الفساد وإظهارها. ولم تكن مهمته سهلة ، وكان ثمنها باهظا . لقد نقل لأنه الفتى الجاد في البحث عن بؤر العفونة من أجل استئصالها في قطاع إذا فسد فسد المجتمع برمته. وإذا ما عدنا إلى موضوع النقل والانتقال ، وقياسا على نقل السيد الناجي ستكون حركة السادة النواب في الجهة الشرقية عبارة عن نقل ، وعزل ، وتكليف من نفس الجهة التي نقلت السيد الناجي. ل
قد سمع الكل من قبل أن السيد محمد البور نائب نيابة بركان كان مرشحا لتدبير شأن نيابة وجدة أنكاد ، فهل نقل هو الآخر ولم ينتقل ؟ ، وكيف أعفي نائب نيابة فجيج ؟ وكيف كلف نائبا جرادة وفجيج ؟ ولماذا نقل نائب جرادة السابق إلى نيابة بركان ؟ ولماذا نقل نائب الناظور إلى وجدة ؟ فلا يمكن أن يكون نقل السيد الناجي هو الإجراء الوحيد الذي جاء رغم إرادته ، بل لا بد أن تكون كل إجراءات حركية نواب الجهة الشرقية عبارة عن إجراءات رغم الإرادات في بعض الحالات ، ووفق الإرادات في حالات أخرى. وإذا كانت الوزارة تستشير بعض الجهات في تقرير مصير النواب ، فلا بد أن تلتزم نفس المسطرة فتستشير جهات أخرى في الجهات التي تقرر مصير النواب وإلا فالوزارة تكيل بمكيالين ، والكيل بمكيالين تطفيف. والواجب في دولة الحق والقانون والديمقراطية والشفافية أن يشترط في من تسند له مهام تدبير الشأن العام خصوصا في قطاع حيوي كقطاع التعليم أن يحظى بتزكية أكبر عدد من أطراف وفعاليات هذا القطاع.
فإذا كان ديننا الحنيف ينص على أنه لا يؤم الرجل القوم وهم له كارهون ،فكذلك لا تسند للرجل مهام تدبير شأن قوم وهم له كارهون مما يعني ضرورة تزكية القوم لمن تسند له مهمة تدبير شأنهم .فوزارة التربية عندنا لا تستشير أحدا من أسرتها في تعييناتها ، بل تفرض هذه التعيينات فرضا وفق مزاجية من يسيطر على زمام الأمر مركزيا. ولا توجد وزارة حققت رقما قياسيا في هذه التعيينات كوزارة التربية الوطنية التي مر بها أكثر من 28 وزيرا لحد الآن ، ولكل وزير برامكته ، فإذا نصب اللاحق مكان السابق نكب برامكة سلفه ، وجاء ببرامكته ، وتوالت نكبات برامكة وزارة التربية الوطنية بعد مرور نصف قرن على استقلال البلاد . ولقد بلغ الأمر حد أخبار مفادها أن فلانا هو صهر فلان أو ختنه لهذا لا يعفى و ينقل ولا ينتقل مهما كان أداؤه . ولعله من الاستعجال أن تعجل الوزارة بتصحيح وضع البرمكية المستفحلة في مركزها وفي الجهات والأقاليم من خلال إجراء التزكية إذ لا يولى أحد المترشحين مناصب تدبير الشأن التربوي مركزيا وجهويا وإقليميا علاوة عن شروط الترشيح التقنية إلا بعد حصوله على عدد معلوم من توقيعات التزكية على غرار ما هو معمول به في بعض بلاد الله ، وفيما هو أجل وأعظم من تدبير الشأن التربوي.
ولا يجب أن يكون المسؤول المزكى تحت رحمة مزاجية مسؤول آخر له يكون من برامكة أصحاب القرار في المركز. وبقي أن أطرح سؤالا يفرض نفسه وهو: هل إعادة انتشار النواب في الجهة الشرقية بهذه الطريقة هو عين الصواب ؟ ألم تكن إعادة الانتشار لغرض في نفس يعقوب ؟ وهل أرادت الوزارة الوصية بالفعل خيرا بالمنظومة التربوية في الجهة الشرقية ؟ ألا توجد نية مبيتة قصد إفلاس المنظومة التربوية في هذه الجهة ؟ هذه أسئلة أجوبتها ستكون في مستقبل الأيام ، وعند الامتحان يعز المرء أو يهان.
محمد شركي
وجدة سيتي