التعليم فى الوطن العربى أمام التحديات التكنولوجية
تجارب بعض الدول العربية في مجال التعليم الإلكترونيإن أهمية التعليم مسألة لم تعد اليوم محل جدل في أي منطقة من العالم، فالتجارب الدولية المعاصرة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك إن بداية التقدم الحقيقية؛ بل والوحيدة هي التعليم ، وأن كل الدول التي تقدمت – بما فيها النمور الآسيوية – تقدمت من بوابة التعليم، بل إن الدول المتقدمة نفسها تضع التعليم في أولوية برامجها وسياستها.
ومما لا شك فيه – أيضاً – أن جوهر الصراع العالمي هو سباق في تطوير التعليم، وأن حقيقة التنافس الذي يجرى في العالم هو تنافس تعليمي.
إن ثورة المعلومات، والتكنولوجيا في العالم ، تفرض علينا أن نتحرك بسرعة وفاعلية ، لنلحق بركب هذه الثورة، لأن من يفقد في هذا السباق العلمي والمعلوماتي مكانته، لن يفقد فحسب صدارته، ولكنه يفقد قبل ذلك إرادته ، وهذا احتمال لا نطيقه ولا يصح أن نتعرض له.
تناولنا في هذا البحث في الفصل الأول مفهوم التكنولوجيا ومقدمة تاريخية بسيطة عنها ثم تحدثنا في الفصل الثاني عن واقع التعليم العربي بشقية (الأساسي والثانوي, الجامعي والعالي) وربطنا ذلك بالطالب العربي باعتباره أهم ركيزة من ركائز التعليم والهدف الأساسي من العملية التربوية التعليمية ومن خلال ذلك ظهرت لنا التحديات التكنولوجية للتعليم في الوطن العربي وهنا برزت لنا –جليا- التحديات التكنولوجية التي يواجهها الطالب العربي في القرن الواحد والعشرين الذي أهم سماته هي التكنولوجيا والمعلومات ثم تحدثنا عن واقع التعليم العالي في اليمن مقدمين احد الحلول لتطويره ثم تكلمنا عن مدرسة المستقبل وعن التعليم الالكتروني كنموذج تكنولوجي ثم حاولنا معرفة ماذا يجب علينا نحن العرب من خطوات اسعافية للنهوض ومحاولة اللحاق بركب العالم المتقدم, ركب التكنولوجيا والمعرفة حتى نستطيع كتابة عالمنا العربي في التاريخ المعاصر وحتى نستعيد موقعنا الطبيعي في هذا الوقت الحساس الذي نمر فيه بعدة هزائم أبرزها الهزيمة التكنولوجية العلمية ولابد أن "نتعلم لنكون" فالتاريخ لا يرحم وصدق الله عز وجل حيث يقول =481;إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ=480; [سورة الرعد: 11] .
مقدمة:-
يتسم العصر الحالي بالتفجر المعرفي والتكنولوجي وانتشار نظم الاتصالات والاستعمال المتزايد للحاسوب والتوسع في استخدام شبكة الانترنت, الأمر الذي جعل العالم قرية كونية الكترونية. وقد بدأت الدول تشعر بالأهمية المتزايدة للتربية المعلوماتية ولمحو أمية الحاسوب من خلال توفير بيئة تعليمية وتدريبية تفاعلية تجذب اهتمام الأفراد في عصر يتميز بالتطور المتسارع والتغير المستمر. ويعتبر توظيف تقنية المعلومات والانترنت في التدريب والتعليم من أهم مؤشرات تحول المجتمع إلى مجتمع معلوماتي, لأن ذلك سيسهم في زيادة كفاءة وفعالية نظم التعليم, وفي نشر الوعي المعلوماتي, وبالتالي سيسهم في بناء الكوادر المعلوماتية التي تنشدها المجتمعات في العصر الحالي.
وتعد مواكبة التطورات المتلاحقة في تقنيات المعلومات والتعامل معها بكفاءة ومرونة من أهم التحديات التي تواجه الطالب العربي .
وليس بجديد القول إن كل تغيير مجتمعي , لا بد وأن يصاحبه تغيير تربوي تعليمي , إلا أن الأمر, نتيجة للنقلة النوعية الحادة الناجمة عن تكنولوجيا المعلومات , لا يمكن وصفه بأقل من كونه ثورة شاملة في علاقة التربية باA247;A252;A184;تمع. إن هناك من يرى- ونحن معه – أن النقلة المجتمعية التي ستحدثها تكنولوجيا المعلومات , ما هي في جوهرها إلا نقلة تربوية تعليمية في المقام الأول, فعندما تتوارى أهمية الموارد الطبيعية والمادية وتبرز المعرفة كأهم مصادر القوة الاجتماعية تصبح عملية تنمية الموارد البشرية-التي تنتج هذه المعرفة وتوظيفها-هي العامل الحاسم في تحديد قدر اA247;A252;A184;تمعات , وهكذا تداخلت التنمية والتربية إلى حد يصل إلى شبه الترادف , وأصبح الاستثمار في مجال التربية هو أكثر الاستثمارات عائدا, بعد أن تبوأت »صناعة البشر « قمة الهرم بصفتها أهم صناعات عصر المعلومات على الإطلاق. لقد أدرك الجميع أن مصير الأمم هو رهن بإبداع بشرها, ومدى »تحديه واستجابته « لمشاكل التغير ومطالبه. إن وعينا بدروس الماضي , والدور الخطير الذي ستلعبه التربية في عصر المعلومات يزيد من قناعتنا بان التربية هي المشكلة وهي الحل , فإن عجزت أن تصنع بشرا قادرا على مواجهة التحديات المتوقعة , فآل كل جهود التنمية إلى الفشل المحتوم مهما توافرت الموارد الطبيعية والمادية.(1)ص361-362
الفصل الأول:- التكنولوجيا تاريخيا :
من أكثر الألفاظ استخداما في يومنا هذا – حتى من قبل المواطن العادي- لفظ "التكنولوجيا". ويبدو أنه بقدر ما يزداد الغموض واللبس اللذين تكتنفانه. فقد اكتسب لفظ "التكنــولوجيا" الكثير من المطـــاطية وأصبح يعني أشياء مختلفــة – بل في أحيــان كثيرة, متناقضة-حسب مستخدم اللفظ المذكور. كما اكتسبت كلمة "تكنولوجيا" قوة ميتا فيزيقية وسحرية متزايدة. (2) ص11-12
و تشتق كلمة Technology من اللغة اللاتينية, حيث تتكون من مقطعين techno و تعنى الفن أو الحرفة أو تقني و logia و تعني الدراسة أو العلم.
فمصطلح التقنية يعنى التطبيقات العلمية للعلم و المعرفة في جميع المجالات.(3)
وتعرف إجرائيا بأنها استخدام الآلات والأدوات والمعدات الكبيرة والصغيرة من قبل الفرد أو الجماعة أو المجتمع في ميدان العمل وذلك بتحويل الأفكار والمفاهيم النظرية إلى ميدان تطبيقي لغرض زيادة الإنتاج والإنتاجية والجودة معتمدة على البحث العلمي وميادينه النظرية والتطبيقية بقصد رفاهية المجتمع وتطوره.(4)ص6
و مهما يكن تعريف التكنولوجيا الذي سنأخذ به, فإنه من الواضح أن الآثار التي تخلقها التكنولوجيا تصل في يومنا هذا إلى شتى مجالات الحياة, بما في ذلك قيمنا وحياتنا الخاصة الحميمة, سواء أتت هذه الآثار بشكل مباشر أو غير مباشر.
وفي حين يرى البعض في التكنولوجيا الحديثة تتويجاً باهراً لنجاح العقل البشري في السيطرة على الطبيعة وتطويعها لمصلحة الإنسان والبشرية, نجد أن البعض الآخر يرى في نفس التكنولوجيا شبحاً مخيفاً يهددُ البيئةَ بالتلوثِ والخراب, والإنسانية بالدمار(الحرب الذرية, الكيماوية....الخ), والحياة الخاصة بالاختفاء.(2) ص11-12
وتاريخ التكنولوجيا يبين أن التدرج في هذا المجال كان أكثر من أي مجال آخر, فسيطرة الإنسان على الطبيعة وتطوير التكنولوجيا المساعدة على ذلك تحققت بشكل تدريجي ومتعرج وهكذا يبدو أن "الإنسانية صعدت سلم الحضارة درجة درجة".
فقد كان الإنسان الأول واقعيا, وبراغماتيا,. وفي معركته من أجل البقاء والارتقاء أخذ يستخدم الخامات المتاحة له لصنع الأدوات التي تزيده قوةً وإنتاجية, فاستخدم الحجارة- وبالأخص الصوان- والعظام والخشب ليكون ما في جعبتهِ الأولى من التكنولوجيا.
وإكتشاف الإنسان للنار دون غيره من المخلوقات يبرهن على مقدرة الإنسان الفريدة في استغلال كل ما حوله, وهكذا تطور الإنسان ببطء في استخدام كل ما يحيط به فصنع أدوات الزراعة والسلاح ثم التعدين ثم العربات ذات الدواليب المعدنية وهلم جراً. وإن كانت التطورات التكنولوجية الأولى من نصيب الحضارات الأسيوية (بما فيها حضارة وادي النيل), وإذا كان التفكير العلمي المنظم قد ابتدعه الإغريق , فقد كان على العرب في المرحلة التالية أن يستفيدوا من انجازات الشرق العملية وانجازات الإغريق النظرية ليتوصلوا إلى"أول زواج" بين العلم والتكنولوجيا, إذا جاز التعبير, بحيث لم يعد الفصل جائزا بين التفكير النظري والتطبيقات العملية. فقد كان العلماء العرب العظام بين التأملات النظرية والتطبيقات المختبرية وقسموا عملهم بين هذين النشاطين.(2)ص18
لكن نتيجة للتفكك الداخلي والحروب الأهلية وهجمات التتار والمغول والأتراك والصليبيين كلها اتحدت في وقتٍ واحدٍ لانتزاع الشعلةٍ الحضاريةٍ من أيدي العرب إلى الأيدي الأوروبية وهنا أهّل القدر ظروفا موضوعية مواتية للنهضة الأوربية – وبالأخص في مجال العلم والتكنولوجيا- فمنذ الحروب الصليبية بدأ الاتجاه نحو تعظيم العقل عند الإنسان وقدرته على الإبداع , فقد استطاعت الأزمات السياسية والدينية والنزوات وتفشي الأمراض أن تلحق أضرارا كبيرة بسكان أوروبا في نهاية القرن الرابع عشر والقرن الخامس عشر, لكن يبدو أنه كانت صدفة عجيبة, فان هبوط السكان في أوروبا, وانخفاض الأيدي العاملة المتاحة, ساهما في تسريع بروز عصر الآلة.(2) ص18-19
ثم ظهرت الثورة الصناعية في منتصف القرن الثامن عشر ثم أتت "ثورة العلم والتكنولوجيا" منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ليس لتربط التكنولوجيا بالعلم على أوثق ما يكون, وإنما لتحدث تغييرات جذرية في البيئة الطبيعية والاجتماعية, تغييرات لم يعرفها المجتمع البشري منذ نشأته والتي أدت إلى اهتزاز الأسس التي كانت تتشكل عليها ثروات الأمم ودور الفرد في المجتمع, كما بدأت تختل القوانين الطبيعية للبيئة, ومن الواضح أننا نلمح هنا إلى التطورات في مجال الطاقة, وفي مجال "الثورة الخضراء " والى "الثورة البيولوجية" التي أدت إلى التلاعب بأنواع وسلالات الحبوب والحيوانات والبشر. كما نلمّح إلى"ثورة المعلومات" التي جسّدها اختراع الحاسب الالكتروني.(2)ص22-23 ثم ظهور الشبكة العالمية المعلوماتية(الإنترنت).
الفصل الثاني:- واقع التعليم في الوطن العربي
سنركز في هذا الفصل على واقع التعليم في الوطن العربي باعتبار أن الطالب أحد أهم ركائزه.
في أعقاب الحرب العالمية الثانية وبعد هزيمة فرنسا، شعر الناس بخيبة أمل فادحة، وفي ظل هذا التشاؤم من حرب خاسرة طرح شارل ديجول سؤالاً ذا مغزى حين سأل عن أوضاع التعليم في فرنسا وعن حالة الجامعات وعن القضاء، فأُخبر أن التعليم والقضاء بخير، فعلَّق قائلاً: "إذن فرنسا بخير"؛ ويُفهم من هذا أن حالة التعليم في دولة ما هي محك نجاح الدولة وتقدمها وصحوتها بعد كبوتها. وقد سُئل أحد الساسة أيضاً عن رأيه في مستقبل أمة فقال: "ضعوا أمامي منهجها في الدراسة أنْبئكم بمستقبلها".(5)ص1
إن أهمية التعليم مسألة لم تعد اليوم محل جدل في أي منطقة من العالم، فالتجارب الدولية المعاصرة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك إن بداية التقدم الحقيقية؛ بل والوحيدة هي التعليم ، وأن كل الدول التي تقدمت – بما فيها النمور الآسيوية – تقدمت من بوابة التعليم، بل إن الدول المتقدمة نفسها تضع التعليم في أولوية برامجها وسياستها.
ومما لا شك فيه – أيضاً – أن جوهر الصراع العالمي هو سباق في تطوير التعليم، وأن حقيقة التنافس الذي يجرى في العالم هو تنافس تعليمي. إن ثورة المعلومات، والتكنولوجيا في العالم ، تفرض علينا أن نتحرك بسرعة وفاعلية ، لنلحق بركب هذه الثورة، لأن من يفقد في هذا السباق العلمي والمعلوماتي مكانته، لن يفقد فحسب صدارته، ولكنه يفقد قبل ذلك إرادته ، وهذا احتمال لا نطيقه ولا يصح أن نتعرض له(5)ص4
واليوم يعيش العالم ثورة في المعلومات لم يسبق لها مثيل، سهل اتساعها وانتشارها التقدم الهائل في وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فتغير مفهوم الزمان والمكان، وأخذت العولمة والانفتاح وحرية تدفق المعلومات، والمواد والأفراد،.. الخ تؤثر في مناحي الحياة المختلفة, مما فرض على دول العالم وشعوبه تحدي التعامل مع هكذا معطيات والاستجابة لمتطلباتها، والاستفادة القصوى منها لتستطيع العيش الآمن في القرن الحادي والعشرين. ومع أهمية ذلك لجميع دول العالم وشعوبه إلا أن الدول العربية هي أحوج ما تكون للتعامل مع هذه المتغيرات، حيث الهوة بينها وبين أغلب دول العالم واسعة، وإن كانت المؤسسات الحياتية المختلفة مطالبة بالتميز ومواكبة التطور، فإن المؤسسة التربوية والتعليمية هي الأولى بمثل هذه المطالبة، فهي المسئولة عن إعداد جيل قادر على استيعاب تطورات العصر والتعامل معها، وقيادة التغيير نحو التقدم والنماء، وتمكين أمتنا العربية من أخذ دورها في عالم القرن الحادي والعشرين. (6)ص146
إن أهم مقاييس تقدم الأمم والشعوب، هو مدى تقدم التعليم في كل وطن أو بلد ، والحقيقة الواضحة وضوح الشمس، التي لا تخفى على أحد أن التعليم في معظم الوطن العربي يعاني إما في إمكاناته أو سياساته أو مناهجه، وربما في كل هذه العناصر مجتمعة.
ورغم هذا فصورة تعليمنا العربي المعاصر ليست بالسوء الذي يؤدي إلى الظلام ، فهناك طرق وأساليب يمكن إتباعها تمثل بصيص أمل للنهوض بالتعليم في أغلب أقطارنا العربية، وأولى هذه الطرق تتمثل في التعرف على عناصر التعليم لوضع أيدينا عليها وتحديدها للعمل على الارتقاء والنهوض بها، وبالتالي النهوض بالمنظومة التعليمية بأكملها.
فيمكن تلخيص عناصر العملية التعليمية في أي مكان كالتالي:
- المتعلم " التلميذ منذ دخول المدرسة حتى المرحلة الثانوية أو الطالب من الثانوي إلى آخر الجامعي.
- المعلم "الأستاذ الجامعي أو باقي معلمي التعليم العام والخاص".
- المناهج التعليمية.
- العوامل المؤثرة في العملية التعليمية.
كل ركن من أركان العملية التعليمية الأربعة سابقة الذكر لابد من تشريحه وبيان أهميته، حتى يمكن بالتالي الوصول إلى ما يجب أن يكون فيما يخص كل عنصر منها، وبالتالي الوصول للصورة المثلى للعملية التعليمية المستهدفة التي يجب أن يكون عليها نظام التعليم في بلادنا العربية والإسلامية.
أولا: المتعلم: هو الركيزة الأساسية للعملية التعليمية، وهو العنصر الذي وجدت من أجله العملية التعليمية، فهو رأس المال البشري الذي إذا صلح، صلح المجتمع كله وصلاحه قائم على صلاح باقي عناصر العملية التعليمية الأخرى وهو مرتبط بها وبصلاحها.
ثانيا : المعلم : خلاصة القول فيما يتعلق بهذا الركن في العملية التعليمية وهو الذي يمثل الركن الثاني و إذا تم الاهتمام به مادياً ونفسياً وفكرياً وعلمياً وقبل ذلك اختياره على أسس علمية صحيحة للمكان الذي سيعمل فيه، فإنه بذلك يمكن الوصول لمخرجات تعليمية سليمة، وأول وأهم هذه المخرجات المخرج البشري "المتعلم".
ثالثا : المناهج التعليمية : الحل الوحيد لهذا الركن أو العنصر لكي يؤتي ثماره أن يوضع بصورة منهجية علمية مقننة قائمة على حاجة الأمة و احتياجات سوق العمل، مراعية لقدرات المتعلمين والفروق الفردية بينهم، متماشية مع التطورات العلمية التكنولوجية المتسارعة ومواكبة لها، خالية من الحشو الكمي الذي لا جدوى منه.
رابعا : العوامل المؤثرة في العملية التعليمية : وهذا العنصر أو الركن يتمثل في الإمكانات المادية والبشرية يمكن من خلالها النهوض بالعملية التعليمية عامة، وبالمتعلم خاصة "رأس المال البشري" الذي تقوم عليه التنمية في أي مجتمع. ومن أمثلة تلك العوامل المؤثرة: المدارس والأبنية التعليمية الحديثة المجهزة بأرقى وأحدث وسائل التكنولوجيا الحديثة، مثل الكمبيوتر ومستلزماته، والانترنت، والكوادر البشرية المؤهلة والمدربة من مديرين وإداريين وغيرهم .(7)
وسوف نستعرض واقع التعليم في الوطن العربي في الصفحات التالية:-
أولا :- واقع التعليم الأساسي والثانوي:
فقد حذر البنك الدولي من أن مستوى التعليم في العالم العربي متخلف بالمقارنة بالمناطق الأخرى في العالم.. ويحتاج إلى إصلاحات عاجلة لمواجهة هذه المشكلة وهي مشكلة البطالة وغيرها من التحديات الاقتصادية.
وجاء في تقرير البنك الذي أطلق من العاصمة الأردنية عمان بعنوان (الطريق غير المسلوك.. إصلاح التعليم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا), انه على الرغم من تحقيق الكثير حيث يستفيد معظم الأطفال من التعليم الإلزامي وتقلص الفجوة بين الجنسين في التعليم إلا إن الدول العربية ما زالت متخلفة عن كثير من الدول الناشئة.
وقال التقرير للبنك انه رغم سهولة الوصول لمصادر التعليم حاليا مقارنة بالماضي إلا إن المنطقة لم تشهد نفس التغيير الايجابي فيما يتعلق بمكافحة الأمية ومعدل التسجيل في المدارس الثانوية الذي شهدته دول ناشئة في آسيا وأمريكا اللاتينية, وأشار التقرير إلى وجود فجوات بين ما حققته الأنظمة التعليمية وبين ما تحتاجه المنطقة لتحقيق أهدافها الإنمائية الحالية والمستقبلية, وذكر بان احد أسباب ضعف العلاقة بين التعليم وضعف النمو الاقتصادي هو انخفاض مستوى التعليم بشكل كبير.إلا أن التقرير وهو سادس تقرير يصدره البنك الدولي عن التنمية في المنطقة، أشاد بحدوث تحسن في البلدان العربية من خلال انخراط اكبر للإناث في التعليم، وخصوصا في المرحلة الأساسية، وقال التقرير إن الدول العربية خصصت حوالي 5% من إجمالي الناتج المحلي، و20% من الإنفاق الحكومي على التعليم خلال الأربعين سنة الماضية, كما أشاد بالدول العربية كالأردن والكويت ولبنان ومصر وتونس التي قال بأنها أبلت بلاءً حسناً بشكل خاص, في توفير التعليم للجنسين، وتحسين نوعية التعليم والكفاءة في تقديمه في المراحل الثلاث، بينما تأتي جيبوتي واليمن والعراق والمغرب في القاع من حيث سهولة الوصول إلى مصادر التعليم، والفاعلية والنوعية.(8)
ويمكن أن نحصر أبرز مظاهر واقع التعليم في الدول العربية فيما يلي:
1) تدني نوعية التعليم العربي؛ إذ تشير معظم الدراسات الميدانية التي أُجريت في مختلف البلاد العربية إلى تدني نوعية التعليم، وضعف الطالب والمدرس على السواء، والمقصود هنا بنوعية التعليم ضعف القدرات التي يبنيها التعليم في عقل و شخصية التلميذ، فالتعليم العربي اعتاد أن يعلم التلميذ القراءة والكتابة وبعض العمليات الحسابية وتدريسه ثقافة عامة متأثرة بالماضي أكثر من الحاضر؛ بل هي ثقافة تخاف الحاضر ومشكلاته وتعمل على التهرب منه، وتحسين نوعية التعليم تتطلب الاهتمام ببناء القدرات والمهارات التي يحتاجها طالب اليوم، ومواطن الغد، ولعل من أهم القدرات المرتبطة بتحسين النوعية هي بناء قدرات التحليل، والتركيب، والاستنتاج، والتطبيق، وتدريب الطالب على توظيف المعلومات والمعارف التي يتلقاها في كل نظام عقلي ومنطقي متناسق مرتبط ببعضه بعضاً ويمزج العلوم المختلفة ببعضها بعضاً.(5)ص4
2) نمطية التعليم العربي؛ فالتعليم العربي يتبع نفس البرامج خاصة في التعليم الثانوي و الجامعي باعتبار أن التعليم الأساسي موحد و متشابه إلى حد كبير، و لكن المشكلة تكمن في التعليم الثانوي والجامعي، فالتعليم الثانوي خلال نصف القرن الماضي لا يخرج عن فرعي الآداب والعلوم، وبالنسبة للجامعات العربية فإن الأقسام العلمية تكاد تكون هي نفسها في كل جامعة أو كلية، فهي متكررة ومزدوجة، وهذه التقسيمات الأكاديمية تتناسب وحقيقة المجتمع العربي في الماضي، أما الآن فهناك ضرورة لتنويع شعب التعليم الثانوي وأقسام الجامعات بحيث تستجيب للتطور الاجتماعي، والاقتصادي، التكنولوجي الحاصل في المجتمع العربي، فالتقسيمات الأكاديمية قديمة و كانت تتناسب مع بساطة المجتمع العربي، أما الآن بشكل أو آخر فقد تطورت الحياة في المجتمع العربي و بنيته الاقتصادية، لذلك لابد أن تؤسس شعب وتقسيمات أكاديمية جديدة تستجيب لبنية المجتمع العربي الاقتصادية، ويمكن في ذات الوقت أن توفر أيدي عاملة للتخصصات وتقسيمات العمل الجديدة التي ظهرت في الحياة العربية المعاصرة، وما لم يبدأ العرب في تنويع و تحسين تعليمهم وبرامجه فسيظل هذا التعليم يعيد إنتاج نفس العقول و المهارات التي هي في الواقع بعيدة عن العالم المعاصر و حركته الاقتصادية، والاجتماعية.(5) ص5
3) ضعف مستوى عدد كبير من المعلمين، إذْ أن أصحاب النسب الضعيفة من حملة الثانوية العامة، هم الذين يوجهون نحو كليات التربية وكليات إعداد المعلمين، وهؤلاء من نتاج النظام التعليمي السائد القائم على التلقين للاستظهار بدلاً من التعليم للتفكير والإبداع، وهم يمارسون بعد التخرج تطبيق هذا النظام، حين يلتحقون بمؤسسات التعليم المختلفة. (9)
4) عدم توفر البيئة المدرسية في العديد من الدول العربية على المتطلبات الأساس لإنجاح العملية التربوية، سواءً تعلق ذلك بالمباني أو التجهيزات الفصلية والمعملية، أو بفرص التعبير الحرّ عن الآراء، يضاف إلى ذلك المركزية الشديدة في الإدارة، مما يؤثّر تأثيراً سلبياً على العملية التعليمية، ويحدّ من حرية المبادرة والتصرف والتفكير في استنباط الحلول للمشكلات القائمة على مستوى الإدارات التعليمية، وعلى مستوى أسرة التعليم في المدارس وهيئات التدريس وفي المعاهد والكليات أيضاً.(9)
5) تفشّي الأمية بشكل كبير في العديد من الدول العربية وعدم قدرة تلك الدول على محوها بشكل فعَّال وشامل، على الرغم من الجهود المبذولة والأموال التي أنفقت في هذا المجال.(9)
ثانيا :-واقع التعليم العالي :
إن الجامعات في الوطن العربي تمثل مصنع قيادات الأمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا,حيث تساهم في قيادة الثورة العلمية والتكنولوجية والمعلوماتية بشكل سليم, إضافة إلى أنها تحافظ على هوية الأمة وثقافتها في ظل العولمة وكذلك تواكب مستجدات العصر الواقعية في النهوض والتقدم(10)ص3
في ظل العولمة ومجتمع المعرفة الحديثة والحاجات المتغيرة للسوق والأوضاع الاقتصادية التي نعيشها جميعاً، وتحقيقاً لرؤية عالمية تقوم على الإبداع في الوسائل والغايات لم يعد الهدف من التعليم في المرحلة الجامعية يقتصر على التدريس فقط، فالتغيير المتسارع على جميع الصعد والنوبات المتوالية من المبتكرات العلمية والتكنولوجية والأفكار الاجتماعية تتطلب نظم تعلم وأولويات مختلفة تركز على سياسات وأهداف التعليم المطلوب الآن بصورة متزايدة وبالذات مهارات التواصل ( القراءة، الكتابة، التحدث، الإصغاء) والمهارات الاجتماعية التي تكسب المتعلم المسؤولية والمواقف الإيجابية، لذلك يوكل اليوم للجامعات والمعاهد مهمة إعداد الأجيال والنشء للتعامل مع التداخل القيمي والثقافي الذي يميز هذا العصر من خلال تنمية مهارات التفكير النقدي و الابتكاري والقدرة على اتخاذ القرار الصائب وحل المشكلات ومهارات البحث المعرفي أي كيفية الحصول على المعرفة وكيفية معالجتها إضافة للعمل الجماعي والتعامل مع المهام وإنجازها.
ولتحقيق هذه المتطلبات نحتاج إلى هيئات تدريس تمتلك فهما لأصول التعليم والتعلم وأساليب التقييم المناسبة، فعملية الحصول على شهادة الدكتوراه في غالبية المؤسسات التعليمية تعد تدريباً على البحث وليس تدريباً على التدريس، إضافة إلى تغيير قناعة المدرس الجامعي الذي مازال يؤمن بتقديم المعرفة الجاهزة في استحواذ على معظم الدور الإداري والأكاديمي وبصورة تقليدية في مقابل دور سلبي للطلبة والمتعلمين،إن التعليم يجب أن يستثير رغبةً للتعلم وأن لا يهدف إلى تكديس المعلومات في أدمغة وأذهان الطلبة وإنما تطوير القدرة على مواصلة التعلم والإقبال عليه فالإسراف في التعليم يقتل الرغبة في التعلم، لقد غدا التعليم المستمر ضرورياً بصورة حاسمة للتنمية الاقتصادية إذ يعتمد الاقتصاد التنافسي المعولم والقائم على المعرفة على التطور والتغير نحو الأفضل ولذلك لا يتوقف التعليم والتدريب عند درجة أو حد معين.
إضافة للطالب والمدرس يعتبر المنهاج الدراسي مرتكزا ثالثا للعملية التعليمية وتأتي أهمية المنهاج من انه الأداة التي يمكن من خلالها تحقيق الأهداف المأمولة، إلا أن عملية تخطيط المناهج الجامعية تكاد تكون في أبسط صورها حيث تركز على الجانب المعرفي دون الالتفات إلى تضمين المنهاج ما يحقق المتطلبات التي سبق الحديث عنها.
والتعليم الجامعي كغيره من المجالات الأخرى يتأثر بالتكنولوجيا الحديثة المتمثلة بشكل رئيسي في الحاسوب، وبالإمكان أن يوظف هذا التأثير توظيفاً إيجابياً، بل يمكن أن تكون التكنولوجيا بمختلف أشكالها أحد الحلول الفريدة لمعضلات التعليم في المرحلة الجامعية وذلك من خلال استخدام الحاسوب والتجهيزات الحديثة وتقنيات التعليم كأدوات تكنولوجية معرفية لا يقتصر دورها على عرض المعلومة بل يمتد إلى تنمية مهارات عقلية عليا لدى الطالب الجامعي كالتنبؤ والتفسير والتحليل وغيرها، حيث إن الاستخدام الحالي للتكنولوجيا في معظم حالاته هو مجرد انصياع للنداءات المتكررة لإدخال تكنولوجيا الحاسوب في العملية التعليمية دون التفكير في الكيفية التي توظف فيها توظيفاً سليماً .
إن إعداد جيل مثقف واع مؤمن بدوره وبقضايا أمته هو السبيل للنجاح والبقاء والقدرة على التنافس في هذا العالم المتغير، فالانفتاح على الحضارات الأخرى والتعامل معها أصبح أمراً لا مهرب منه، ولا جدوى من الانغلاق الفكري والثقافي، الشيء الذي يتطلب أن تشرع الجامعات ومعاهد التعليم العالي في تحديد آليات التعامل مع التحديات من خلال رؤية جديدة تنسجم والدور المرتجى منها .(11)
أهم التحديات التي تواجه التعليم الجامعي في الوطن العربي(12)
1) تحدي العولمة والمنافسة العالمية, حيث أدت العولمة إلى تغيير مسار حركة التعليم الجامعي نتيجة للشروط الجديدة التي فرضتها على كل الدول ومنها أهمية إبراز منتج يستطيع المنافسة في السوق العالمي.
2) تحدي النهوض بالتعليم لتحقيق حاجات ومتطلبات المجتمع.
3) تحدي الثورة المعلوماتية وبما قدمته من منجزات علمية وتكنولوجية كان لها أثر كبير في تزايد الفجوة بين دول الشمال والجنوب.
4) سيطرة الثقافة الغربية, ويتطلب هذا التحدي ضرورة الحفاظ على الهوية الثقافية, وتطوير محتوى مقررات الثقافة الوطنية لمواجهة الغزو الثقافي والفكري.
5) يواجه التعليم العالي تحديا يتعلق بتمويله حيث أن الاعتمادات المالية الحكومية المتاحة تتجه نحو النقص وذلك بالمقارنة بحجم الطلب علية, ويعزى ذلك إلى النمو السكاني السريع حيث تتزايد أعداد الطلاب في سن التعليم العام, ومن ثم يرتفع عدد الراغبين في الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي, هذا فضلا عن ارتفاع تكلفة الطالب في المرحلة الجامعية مقارنة بتكلفة أي مرحلة أخرى.
التعليم العالي في اليمن التحديات والحلول:-
فقد قام الباحث / خالد محسن ثابت الجرادي في رسالته المعنونة بـ" رؤية مستقبلية لإنشاء جامعة مفتوحة في الجمهورية اليمنية " والتي نال بها درجة الدكتوراه عام 2005م بدراسة مشكلة التعليم العالي في اليمن فيقول(14)
شهد العالم خلال العقود الماضية تغيرات سريعة, ومتلاحقة في مختلف ميادين الحياة, وخصوصاً ميادين العلوم التطبيقية, وتكنولوجيا المعلومات, والاتصالات, كما شهد أيضا نمواً كبيراً في التعليم, والتدريب, وزيادة هائلة ومستمرة في أعداد السكان؛ وانطلاقاً من هذا الواقع فقد أصبح من الضروري مواكبة السياسة التعليمية لمتطلبات روح العصر الذي نعيش فيه, ومواجهة تحديات المستقبل الذي سيشهد المزيد من الانفجار السكاني والمعرفي.
كما تواجه الجامعات النظامية في أوائل القرن الحادي والعشرين تحديات مختلفة والتي تفرض عليها أن تغير من طبيعتها, وأسلوب عملها التقليدي, بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل من ناحية, وتلبية احتياجات أفراد المجتمع من ناحية أخرى, ولعل من أهم هذه التحديات وأبرزها الثورة التكنولوجية والمعلوماتية, وطوفان الطلاب, وأزمة الثقة في المؤسسة التعليمية النظامية.
مما دعا العديد من التربويين لاستحداث صيغ جديدة لمواكبة هذه التحديات, وتعد الجامعة المفتوحة أحد الصيغ التربوية المهمة التي تحظى باهتمام عالمي من قبل المعنيين, والمهتمين بالعملية التعليمية, فمن خلالها يمكن مواجهة الأعداد الهائلة من الطلبة الذين لا تسمح ظروفهم بالانتظام في الدراسة الجامعية النظامية لسبب أو لآخر, ولديهم الراغبة في مواصلة التعليم الجامعي, وهي مفتوحة من حيث شروط القبول والتسجيل, وهي مفتوحة أيضاً من حيث إعطاء الدارس حرية اختيار التخصص الذي يريده, كما أنها تعطيه الحرية في اختيار عدد الساعات الدراسية التي باستطاعته أخذها في كل فصل دراسي, وكذلك تعطيه الحرية في اختيار الزمن والمكان المناسب للدراسة.
والجمهورية اليمنية لا تختلف كثيراً عن غيرها من دول العالم النامية التي تعاني من مشكلات وتحديات اقتصادية, واجتماعية, وسياسية, وثقافية, وتعليمية أيضاً تجعلها غير قادرة على تحقيق احتياجات المجتمع, وفق متطلبات العصر, فهي تبحث عن حلول تتلاءم مع متطلبات العصر, مع إتاحة الفرصة للجماهير اليمنية المتطلعة لممارسة حقها في التعليم دون حدود أو قيود.
ابرز مظاهر الأزمة :
أن نظام التعليم الجامعي في الجمهورية اليمنية يعاني من كثير من المشكلات والتحديات التي جعلته غير قادر على تلبية احتياجات المجتمع ومن هذه المشكلات والتحديات ما يلي:
1- التزايد السكاني السريع.
2- التراجع في النمو الاقتصادي.
3- الثورة العلمية والتكنولوجية
4- مجتمـع مـا بعـد الصناعة.
5- العولمة الاقتصادية والثقافية
6- الطلب الاجتماعي على التعليم.
7- التوزيع الجغرافي للسكان ولمؤسسات التعليم.
8- الهجرة من الريف إلى المدن.
9- الإناث وتلبية طموحاتهن في التعليم.
كذلك فإن نظام التعليم الجامعي التقليدي في الجمهورية اليمنية لم يشهد تحديثاً أو تطويراً في خدماته, وأنّماطه التعليمية, بل ظلَّ محصوراً بإطار تقليدي, مما جعلها غير قادرة على مواكبة عصر المعرفة والمعلومات, كما أن الجامعات النظامية لم تعد قادرة على تلبية الطلب الاجتماعي المتزايد على التعليم الجامعي, الأمر الذي يتطلب دراسة متعمِّقة لإحداث نقلة نوعية في الخدمة التعليمية الجامعية, بإدخال أنماط تعليمية معاصرة تعتمد على التكنولوجيا إلى حد كبير.
وفي الفصل السابع والأخير من الرسالة المذكورة آنفا فجاء بعنوان:" الدراسـات المستقبليـة وسيناريوهات الجامعة المفتوحة في الجمهورية اليمنية" كأحد الحلول, حيث قدمت فيه الدراسة ثلاثة سيناريوهات لإنشاء الجامعة المفتوحة في الجمهورية اليمنية, من خلال واقع التعليم الجامعي في الجمهورية اليمنية, والاتجاهات العالمية المعاصرة, ونتائج الدراسة الميدانية, مع مراعاة طبيعة وإمكانيات المجتمع اليمني, بالإضافة إلى تناول الدراسات المستقبلية من حيث المفهوم, والأنماط, والأساليب, وأهميتها في التربية, وذلك للإجابة على الهدف الرابع من أهداف الدراسة الذي ينص على" تقديم رؤية مستقبلية لإنشاء جامعة مفتوحة في الجمهورية اليمنية, على صورة سيناريوهات".
أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة الميدانية:
توصلت الدراسة الميدانية إلى عدة نتائج من أهمها ما يلي:
1- جميع مجالات استطلاع الرأي حصلت على موافقة عالية جداً من قبل أعضاء عينة الدراسة(الخبراء من الأساتذة والأساتذة المشاركين بجامعتي صنعاء وعدن, والمستفيدين من الجامعة المفتوحة الحاصلين على مؤهلات ابتدائية, وإعدادية, وثانوية, وجامعية).
2- وجد فروق ذات دلالة إحصائية - في جميع مجالات الدراسة - بين استجابات أعضاء هيئة التدريس (الخبراء) من الأساتذة والأساتذة المشاركين بجامعتي صنعاء وعدن عند مستوى دلالة أقل من (0.01).
3- توصلت الدراسة إلى أن الكليات المرغوب فتحها في الوقت الراهن بناءً على رأي الخبراء من الأساتذة والأساتذة المشاركين بجامعتي صنعاء وعدن, والمستفيدين من الجامعة المفتوحة الحاصلين على مؤهلات ثانوية, وجامعية هي كالتالي :
أ- كلية الحاسبات
ب- كلية العلوم والتكنولوجيا.
ت- كلية اللغات
ث- كلية التجارة والاقتصاد.
4- توصلت الدراسة إلى أن غالبية أفراد عينة الدراسة (الخبراء من الأساتذة والأساتذة المشاركين بجامعتي صنعاء وعدن) قد اقترحوا أن يكون عدد الساعات المعتمدة في الجامعة المفتوحة في الجمهورية اليمنية حوالي 140ساعة. واقترحوا توزيعها على النحو التالي:
أ- 16ساعة متطلبات جامعة
ب- 26ساعة متطلبات كلية إجباري.
ت- 22ساعة متطلبات كلية اختياري
ث- 72ساعة متطلبات تخصص.
5- توصلت الدراسة إلى بناء ثلاث سيناريوهات بديلة للجامعة المفتوحة في الجمهورية اليمنية, انطلاقاً من واقع التعليم الجامعي التقليدي, ومن الاتجاهات العالمية المعاصرة, بالإضافة إلى نتائج الدراسة الميدانية وهي كالتالي:
• السيناريو الأوَّلي (سيناريو التردي)
• السيناريو الوَسَطِي (سيناريو التحسن).
• السيناريو الابتكاري( السيناريو المستهدف).
ولمزيد من التفاصيل يمكن العودة إلى المصدر.
الفصل الثالث :-التحديات التكنولوجية أمام التعليم العربي وكيفية حلها :
أن التحدي الحقيقي الذي يواجهنا وهو الدخول ببلادنا إلى حضارة التكنولوجيا المتقدمة التي أصبحت العامل الحاسم في تقدم الشعوب، ولا شك أن نقطة البدء هي إعداد الكوادر القادرة على إنجاز هذا التحول الكبير، الذي يتطلب خلق بنية تعليمية يبنى الطالب من خلالها خبراته التعليمية عن طريق تعليمه كيفية استخدام جميع مصادر المعرفة، وجميع وسائل التكنولوجيا المساعدة؛ لذا يجب تجهيز المدارس والجامعات بالوسائط المتعددة، ومعامل العلوم المتطورة وقاعة استقبال بث القنوات التعليمية ومن ثم تدريب أعضاء هيئة التدريس في مراكز التدريب المحلية بالمديريات والمحافظات ومراكز التدريب التخصصي المركزية ، ومعامل العلوم المتطورة والتعليم عن بعد فيما غدا يعرف باسم "مدرسة بلا أسوار" Wall-less School أو "مدرسة المستقبل" Future School أو المدرسة الذكية Smart School أو التعليم الالكتروني .
مفهوم مدرسة المستقبل أو المدرسة الذكية:
مدرسة المستقبل أو المدرسة الذكية هي "عبارة عن مدارس مزودة بفصول إلكترونية بها أجهزة حواسيب وبرمجيات تمكن الطلاب من التواصل إلكترونياً مع المعلمين والمواد المقررة، كما يمكن نظام المدارس الذكية من الإدارة الإلكترونية لأنشطة المدرسة المختلفة ابتداءً من أنظمة الحضور والانصراف وانتهاءً بوضع الامتحانات وتصحيحها.كما تمكن المدارس الذكية من التواصل مع المدارس الأخرى التي تعمل بنفس النظام الأجهزة التعليمية المتصلة بالمدرسة وكذلك التواصل مع أولياء أمور الطلاب" (15)
التعليم الالكتروني في الوطن العربي(كنموذج تكنولوجي) :-(16)
أولا :الإطار العام للتعليم الإلكتروني:
1- نشأة و تطور التعليم الإلكتروني : تعود نشأة التعليم الإلكتروني إلى سنة 1996، منذ أن أطلق الرئيس الأمريكي السابق "بيل كلينتون" مبادرته المعروفة باسم تحديات المعرفـة التكنولوجية التي دعا من خلالها إلى ربط كافة المدارس الأمريكية العامة و صفوفها بشبكة الانترنيت بحلول عام 2000، و كنتيجة أولية لهذه المبادرة قام اتحاد المدارس الفدرالية العامة سنة 1996 بإدخال مشروع الانترنيت الأكاديمي و هو عبارة عن أول مدرسة تقوم بتدريس مقررات عبر الخط في ولاية واشنطن. و ظهرت كذلك بعض النداءات تناشد بإنشاء جامعة إلكترونية في إنجلترا، و التي تمت بالفعل و يتوقع منها أن تقدم مقررات عبر الخط في التعليم المستمر و التنمية المهنية، و امتد تطبيق التعليم الإلكتروني ليشمل دول أخرى، و على سبيل المثال و نتيجة لزيادة الطلب المتزايد على تعلم اللغات الأجنبية من قبل الطلاب التايوانيين و لزيادة مهارتهم اللغوية و الثقافية قامت كلية اللغات بطرح برامجها اللغوية عبر شبكة الإنترنت، و قد وجد أن هذا النمط أسلوب و بديل جيد لتعلم اللغات عما هو سائد في الفصول التقليدية، و كذا يسد النقص القائم في هذه الأخيرة.
2- مفهوم التعليم الإلكتروني : التعليم الإلكتروني هو ذلك النظام الذي يقوم فيه الكمبيوتر بكامل العملية التعليمية حيث يتعلم الطالب من الكمبيوتر بدون الحاجة إلى المعلم، و فيها يقوم الكمبيوتر بما يشبه المدرس الخصــوصي من حيث الشـرح و التجريب و التقويم.
3- أهمية التعليم الإلكتروني : يمكن للتعليم الإلكتروني أن يفيد الطلاب غير القادرين و ذوي الاحتياجات الخاصة و كذلك الطلاب غير القادرين على السفر يوميا إلى المدرسة بسبب ارتفاع كلفة المواصلات.
- يساعد التعليم الإلكتروني على التعلم الذاتي و الذي يسهل فيه المعلم للمتعلم الدخول لمجتمع المعلومات.
- يكون التعليم الإلكتروني ذا فعالية لسكان المجتمعات النائية باستخدام تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات في مجال التعليم.
يرى كثير من علماء التربية المتحمسون لهذا النوع من التعليم أن تكلفته المادية أقل بكثير من تكلفة التعليم التقليدي.
4- متطلبات التعليم الإلكتروني:
لكي ينجح التعليم الإلكتروني و يحقق أقصى استفادة من أهميته، فإنه يحتاج لمتطلبات و شروط ضرورية منها.
- خطط واضحة تبين كيفية دمج التعليم الإلكتروني، و مراحله و ميزانياته.
- متطلبات تقنية: بنية تكنولوجية، و سعة نطاق عالية، و برامج إدارة التعليم.
- متطلبات تنظيمية و إدارية عصرية.
- متطلبات بشرية من كادر مؤهل يشمل خبراء بالتقنية و خبراء بالتربية، كما يتطلب تدريب خاص للمحاضرين و للطلبة المشمولين بالنظام.
ثانيا: حاجة الدول العربية إلى التعليم الإلكتروني :
إن الدول العربية في حاجة للتعليم الإلكتروني بالنظر لما يحمله هذا النوع من التعليم من مزايا، و تظهر ملامح هذه الحاجة في:
1- مواجهة الضغط المتزايد للطلاب على الجامعات العربية على عدة مستويات حققت الدول العربية قفزة.
2- تعزيز دور التعليم العالي العربي في تنمية صناعات المعرفة من خلال التعليم الإلكتروني.
ثالثا: واقع التعليم الإلكتروني في الدول العربية:
للتعرف على واقع التعليم الإلكتروني في الدول العربية من الضروري التطرق إلى النقاط التالية:
1- معوقات التعليم الإلكتروني في الدول العربية:
هناك العديد من المعوقات التي تقف حجرة عثرة في وجه التعليم الإلكتروني في الدول العربية ومنها:
- التساؤل التالي هل يجدر للمرء استثمار وقته وماله في التعليم الإلكتروني في الوطن العربي؟ هناك الكثيرون ممن يعارضون ذلك، كما يوجد بعض المعلمين و العاملين بالمجال الأكاديمي و الذين يساورهم الشك بشأن القيمة التي يساهم فيها التعليم الإلكتروني في مجال التعليم. فضلا عن ذلك، إن أسهم و تكاليف هذا الابتكار عالية، و حدوث الجدل المتوقع حول حقوق الملكية الفكرية و مسائل الخصوصية و الأمان على الشبكة العالمية:
- من أهم المعوقات التي تقابل مستقبل التعليم الإلكتروني في الوطن العربي هي عدم علم أغلب الطلاب بمفهوم التعليم الإلكتروني فكيف يكون للتعليم الإلكتروني مستقبل في الوطن العربي و طلائع المستقبل لم يكن لديهم فكرة عن هذا التعليـم.
- تشير البيانات للعام 2007 إلى أن دول المنطقة العربية تستحوذ على 38,2 مليون مستخدم للإنترنت بما نسبته 2,6% من الإجمالي العالمي الذي بلغ 1467 مليون مستخدم بنهاية عام 2007، و هي نسبة محتشمة جدا.
2- تجارب بعض الدول العربية في مجال التعليم الإلكتروني:
مصر: تم توقيع بروتوكول مع وزارة التربية بغرض محو أمية استخدام الحاسوب و الإنترنت لخريجي الإعدادية، إضافة إلى ذلك تم ربط 12 مدرسة بخدمة الإنترنت المجانية كما تم إنشاء نموذج جديد (غير هادف للربح) للتعليم الإلكتروني. و تمت الموافقة على إنشاء الجامعة المصرية للتعليم الإلكتروني على أن تبدأ الدراسة اعتبارا من العام الجامعي 2007/2008، كما قدم صندوق تطوير التعليم موافقته على إنشاء عدد من المدارس التكنولوجية، إضافة إلى ذلك تم افتتاح شبكة معلومات الجامعـــات المصرية بعد تطويرها و إدخال أحدث التقنيات التكنولوجية.
الأردن: تم إطلاق مبادرة التعليم الإلكتروني في العام 2002 كجزء من مشروع تطوير التعليم نحو الإقتصاد المعرفي التي تهدف إلى توفير التعليم الإلكتروني على مستوى المدارس و مستوى الجامعات و بمسارين متوازيين، و قد حقق الأردن إنجازات مهمـة على هذا الصعيد بالتعاون مع شركة "سيسكو" و عدد من الجهات الحكومية و الهيئـات الدولية و منظمات المجتمع المدني، فقد ربطت أكثر من 1200 مدرسة من أصل 3200 مدرسة حكومية بشبكة المدارس الوطنية و أنشأت مخابر الحواسيب في أكثر من 2500 مدرسة منذ إنطلاق المشروع و على مستوى الجامعات تم ربط جميع الجامعات الخاصة و العامة باستثناء واجدة بشبكة ألياف ضوئية ووصلها بشبكة التعليم الوطني و التي ساهمت في توفير التعليم عن بعد في بعض الجامعات.
الإمارات العربية المتحدة: في الإمارات العربية المتحدة لا تزال وزارتا التربية والتعليم العالي متأخرتين في وضع استيراتيجية التعليم الإلكتــروني على مستــوى المدارس و الجامعات الحكومية، إلا أن التعليم الإلكتروني معتمد في الإمارات العربية المتحدة من جهات حكومية أخرى و كذلك على مستوى القطاع الخاص، و هو موجه للقطاع التعليمي الأكاديمي و كذلك لقطاع الشركات و سوق العمل و خاصة في إمارة دبي، و ممن أمثلة ذلك مبادرة التعليم الإلكتروني التي أطلقتها أكاديمية "إتصالات" و توفر مجموعة من التخصصات المتعلقة بالعلوم الإدارية و الإشرافية و البرمجيات و تكنولوجيا المعلومات، أما معهد الإبتكار التقني في جامعة زايد فيوفر بعضا من البرامج التعليمية عبر الانترنيت، حيث يمكن للدارسين الوصول إلى تلك البرامج و إجراء التدريبات من دون الحاجة للحضور للمعهد.
المملكة العربية السعودية: تستخدم أساليب التعليم الإلكتروني في جامعة الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة، و لديها أكبر مكتبة إلكترونية في المملكة تحتوي على 16 ألف كتاب إلكتروني، ووقعت وزارة التعليم العالي في أواخر عام 2006 مع شركة ميتيور الماليزية عقد تنفيذ المرحلة التأسيسية الأولى للمركز الوطني للتعليم الإلكتروني و التعليم عن بعد، الذي يهدف إلى إيجاد نواة لحضانة مركزية للتعليم الإلكتروني و التعليم عن بعد لمؤسسات التعليم الجامعي و توحيد جهود المؤسسات الساعية لتبني تقنيات هذا النوع من التعليم. و يغطي العقد المرحلة التأسيسية الأولى من مشروع المركز الوطني للتعليم الإلكتروني و التعليم عن بعد لمؤسسات التعليم الجامعي في المملكة، و يتنفذ على ثلاث مراحل رئيسية هي تصميم نظام إدارة التعليم الإلكتروني و تدريب 1500 موظف و أكاديمي على نظام إدارة التعليم و أكثر من 1000 متدرب على مهارات التعليم الإلكتروني و التعليم عن بعد، و بناء المنهج الإلكتروني.
وخلاصة ما سبق إن التعليم الإلكتروني تعليم يواكب روح العصر الذي نعيشه، عصر التطورات التكنولوجية و العلمية المدهشة، فهذا النوع من التعليم يعتمد على التقنية التكنولوجية الحديثة من جهاز كمبيوتر و شبكة إنترنت و غيرها... و هو بهذا الشكل يتيح فرصة للتعليم بأعظم الفوائد و أقصر وقت و أقل تكلفة ممكنة، و منه ظهرت الحاجة إليه من طرف العديد من الدول ومنها الدول العربية، و تتمثل ملامح هذه الحاجة في مواجهة الضغط المتزايد للطلاب على الجامعات العربية، وتعزيز دور التعليم العالي العربي في تنمية صناعات المعرفة من خلال التعليم الإلكتروني... غير أن التعليم الإلكتروني في الدول العربية يصطدم على أرض الواقع بالعديد من المعوقات، كما أن تجارب بعض الدول العربية في هذا المجال لا تزال حديثة العهد و محتشمة.
كيفية مواجهة التحديات التكنولوجية للتعليم في الوطن العربي:
من الضروري تكرار القول بأن العرب الآن لم يكونوا النظرة الصحيحة إلى مسألة التكنولوجيا وإلى إمكانية نقلها قبل التوصل إلى إمكانية ابتكارها محلياً فلا تزال نظرة العرب إلى التكنولوجيا بأنها عبارة عن انتقال الآلات والمعدات من العالم الصناعي المتقدم مع الخبراء والفنيين إلى الأقطار العربية وبالتالي يسود الاعتقاد بأنه يمكن شراء كل هذه الأمور بالأموال إذا ما توفرت وهذا ما يؤكد أن العرب شعوباً وحكومات لا يزالون على حد تعبير أحد الباحثين العرب المهتمين بالموضوع يعيشون في حالة (جاهلية أو أمية تكنولوجية ) وبأننا بحاجة حقاً إلى جهد تنوير اجتماعي كبير وعملية محو أمية تكنولوجية لمجتمعاتنا كما أن العرب لا يزالون يخلطون بين العلم والتكنولوجيا ويظنون أن التقدم الكمي في المجال الأول زيادة عدد المدارس والطلاب الخريجين يؤدي بالضرورة وتلقائياً إلى تقدم تكنولوجي بنفس المستوى والوتيرة ) .
يتبع
عدل سابقا من قبل admin في 28/1/2010, 06:56 عدل 1 مرات