السلوك المهني
أضحت مظاهر العنف وانعدام الاحترام قاعدة تطبع العديد من المؤسسات التعليمية، في تناف قاطع مع مطالب المرحلة بضرورة ترسيخ قيم المواطنة، والتأسيس لثقافة الاحترام داخل الفضاء المدرسي.ولا شك، أن هذا المنعرج الخطير يشكل تهديدا صريحا لمنظومة التربية والتكوين، التي نريدها أن تكون منتجة للقيم الأخلاقية، وبناء قدرات التمحيص والنقد والاختيار العقلي المسؤول لدى الناشئة، باعتبار أن هذه المبادئ هي نقطة الارتكاز للتأسيس لمجتمع حداثي ديمقراطي.
والسؤال المطروح في خضم هذه اللوثة، التي أصابت مشهدنا التعليمي، ماذا وقع حتى فقدنا زمام التحكم في سلوكيات بعض التلاميذ والمدرسين؟ وهل في ذلك علاقة بتراجع الوزن الاعتباري للمؤسسة التعليمية؟ أم أن مواكبتنا للتحول والتطور، اللذين يفرضهما العالم لم يكونا بالكيفية والإمكانيات المطلوبة؟ أم ماذا؟ خصوصا أن هناك استفهامات عدة تناطح بعضها وتسير جلها نحو خلاصة مفادها أن المدرسة فقدت هيبتها كفضاء للتربية، والاندماج الاجتماعي والراحة النفسية، بسبب عوامل مترابطة يمتزج فيها ما هو اجتماعي بالاقتصادي بالتربوي.
لهذه الغاية، اقترح البرنامج الاستعجالي، للوقاية من هذه الظواهر السلبية، اعتماد آلية الوساطة، من خلال الاستماع والحوار للمكونات التربوية المتضررة والمتناثرة، من أجل التخفيف من حدة التوثرات والتقليل من حجم السلوكات العدوانية، كما وضع البرنامج ميثاقا لتحديد حقوق وواجب مختلف الفاعلين، داعيا إلى ترسيخ السلوك المهني لدى المدرسين عبر التكوين، بغية إعطاء التلاميذ صورة عن الصرامة والنموذجية والانسجام مع المبادئ المحلية للمدرسة.
كما لم يفوت البرنامج الاستعجالي الفرصة في سياق بسطه للحلول بعقد شراكات مع السلطات الأمنية، والعدل، لتنظيم حملات تواصلية للقضاء على العنف. ويظهر من خلال المقاربات التي طرحها البرنامج الاستعجالي، أن هناك شبه غياب للمعالجات التربوية العميقة، التي تنطلق من استحضار الظروف، التي تحيط بالمتعلم، والتي من الممكن أنها أثرت في اضطرابه النسبي وانقصامه السلوكي.
إن إنجاح مشروع المدرسة للجميع يستدعي تعاقدا جديدا مع هيئة التدريس أساسه الثقة في المدرسة، ويمكن أن ينتظم هذا التقارب حول دينامية حوار اجتماعي قوامه ضمان الراحة النفسية للمدرس، من أجل ضمان حق التلميذ في تعليم ذي جودة.
29.03.2010 | المغربية