العوائق السوسيوتربوية
الكتب الموازية هي الكتب التكميلية، التي تنسجم والمقررات الدراسية الرسمية، وتستجيب لأنظمة التقويم المعمول بها، والتي توجه أساسا إلى التلاميذ لدعم تعلماتهم، وتقوية مكتسباتهم بما يساهم في الرفع من مردودهم الدراسي، ويفتح أمامهم أبواب النجاح.
إن وصف هذه الكتب بالموازية يدل على أن استعمالها استعمال اختياري، ذلك أنها بمثابة حلقة مكملة، ودعامة إضافية، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون بديلا للدعامة الإلزامية، ألا وهي الكتب المدرسية المقررة.
وإذا كانت هذه الكتب موجهة في المقام الأول إلى التلميذ والتلميذة، كما يكشف ذلك خطاب مقدماتها، فإن هذا لا يمنع كثيرا من المدرسين من الاستئناس بها، والاستفادة مما تقدمه من محتويات، بل إن منهم من يجد في ما تقترحه من أنشطة تقويمية فروضا جاهزة لتلاميذه.
ولقد عرف إصدار هذا النوع من الكتب تناميا مطردا، تزامن مع الانتقال من اعتماد الكتاب المدرسي الواحد والأوحد إلى تبني مبدأ تعددية المراجع وفق مقتضيات منافسة يفترض أن يكون قوامها الشفافية بين المؤلفين والناشرين. على أن هذا النوع من الكتب ما فتئ يتعزز حضوره في سوق الكتاب، فما أن ينفض موسم اقتناء الكتب المدرسية المقررة في بداية الموسم الدراسي، حتى تنطلق مرحلة عرض الكتب الموازية، هذه المرحلة التي قد تمتد إلى غاية اجتياز الامتحانات الإشهادية.
وإذا نحن ألقينا نظرة على المعروض من هذه الكتب، نجدها تغطي جميع أطوار التعليم المدرسي: الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي، وتحيط بمختلف الشعب والمواد الدراسية والمجزوءات والمكونات، ومنها ما يتوسل بالعناوين المغرية، والطباعة الراقية، بل والخطاب الإشهاري المثير، كل ذلك من أجل الحفز على تداولها، وتوسيع قاعدة مستعمليها.
وتقدم الكتب الموازية نفسها على أنها وسيلة فعالة لتحسين التحصيل الدراسي، بل مفتاحا يمكن من السير بثبات في درب النجاح من خلال ما يقترحه المؤلفون من مضامين وأنشطة. وإجمالا، وبصرف النظر عن خصوصية بعض المواد الدراسية، تستجمع هذه الكتب في الغالب الأعم، بين دفتيها ملخصات للدروس، وتمارين وتطبيقات، ونماذج من فروض المراقبة المستمرة، وعينة من الامتحانات المقترحة في الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين...
إن الكتب الموازية تطرح عوائق تحد من تداولها، وهي عوائق اجتماعية وتربوية، وقد تكون مركبة أي سوسيوتربوية تحول دون الإفادة الواسعة منها. فعلى المستوى الاجتماعي، ونظرا لأسعار هذه الكتب، فإن فئات عريضة من المتعلمين والمتعلمات يعوزهم المال اللازم لشراء هذه الكتب. فالكثير منهم يجدون صعوبة في الحصول على الكتب المدرسية المقررة، فما بالك بكتب موازية قد يعتبرها آباؤهم ترفا تربويا زائدا. ولذا، ومن باب الدعم الاجتماعي، يقترح بعض الفاعلين التربويين في هذا النطاق، تزويد الخزانات المدرسية بنماذج من هذه الكتب، لتكون رهن إشارة الراغبين في استخدامها.
أما على المستوى التربوي المحض فإن هذه الكتب، وإن كانت، تراعي مبدأ التدرج من اليسير إلى العسير، ومن البسيط إلى المركب في عرض الموارد والأنشطة، فإن استخدامها يتطلب قدرة فائقة على التعلم الذاتي، لذا فإن المتفوقين من التلاميذ، الذين يتميزون بدافعية قوية إلى التحصيل، وتسعفهم استقلالية التعلم المكتسبة، هم الذين يجدون ضالتهم فيها، أما التلاميذ، الذين يفتقرون إلى الحدود الدنيا من المكتسبات والمهارات، فلا نصيب لهم من هذه الكتب.
والملاحظ أن كثيرا من هذه الكتب تحرص على حشد الامتحانات المرفقة بعناصر الإجابة وسلم التنقيط، فتعمق، تبعا لذلك، لدى التلاميذ الإحساس بوطأة الامتحان. ومن الأمور البالغة الأهمية، التي انتبه إليها بعض المؤلفين، وحذروا من مغبتها، إرفاق الفروض والامتحانات بالحلول، ذلك أن بعض التلاميذ لا يسلكون المسلك السليم في استعمال هذه الكتب، إذ بدل التدرج من الاطلاع على الملخصات المركزة، والاستئناس بالتمارين المحلولة، إلى إنجاز أنشطة التقويم، للوصول في نهاية المطاف إلى التقويم الذاتي من خلال المقارنة بين الإنجاز الشخصي، وعناصر الإجابة المصحوبة بسلم التنقيط، نجد البعض لا يجشم نفسه عناء ذلك كله، فيحرق المراحل، ويكتفي بنقل الإجابات الجاهزة، موهما نفسه بأنه هو الذي وفق إلى الإنجاز الصحيح.
ومجمل القول إن الكتب الموازية تبقى رافدا إضافيا وتكميليا للتعلم، يستند في خلفياته التربوية على بيداغوجيا الدعم، وعلى مبدأ التعلم الذاتي، ويمكن الاستفادة منه في سد ما يعتري التعلم من ثغرات، واستثماره في الارتقاء بالكفايات، بيد أن فعالية هذا الرافد تتوقف على مدى مراعاته للقدرة الشرائية، وتلبيته للحاجيات التربوية لمختلف فئات التلاميذ، واستعماله استعمالا مرنا مكسبا.
29.03.2010 | المغربية