اللجن الإقليمية والمحلية للتنسيق قصد إنجاح الإصلاح التربوي بالأقاليم : بين القرارات العمالية وإكراهات الجماعات المحلية
أصدر عمال الأقاليم والعمالات بالمغرب قرارا عامليا في يناير 2010 من أجل المساهمة في إنجاح الإصلاح التربوي بالأقاليم وتشكيل اللجن الإقليمية وتأسيس اللجن المحلية لنفس الغرض في مختلف الجماعات الحضرية والقروية .وبناء على مجموعة من الظهائر المتعلقة باختصاصات العامل والميثاق الجماعي وتنظيم العمالات والأقاليم وتفعيلا للاتفاقية المبرمة بين وزارة الداخلية ووزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي بتاريخ 11 شتنبر 2008 من أجل بلورة مسلسل التنسيق وتحقيق الالتقائية حول الأهداف المتوخاة من أجل إصلاح النظام التربوي والنهوض بأوضاع المدرسة المغربية وتشجيع التمدرس ومحاربة الهدر والانقطاع المدرسيين وتحقيق التنمية البشرية المنشودة، وإنجاح البرنامج الاستعجالي الهادف إلى إعطاء نفس جديد لإصلاح التعليم والتعجيل بإنجاز الأوراش التي انطلقت مع الميثاق الوطني للتربية والتكوين ، وتتكون اللجنة الإقليمية للتنسيق المشترك قصد إنجاح الإصلاح التربوي والتي يترأسها عامل الإقليم وأسندت مهمة التنسيق للنائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية وعضوية باشوات المدن ورؤساء الدوائر ورؤساء الجماعات الحضرية والقروية بالإقليم والنواب الإقليميون للتجهيز والنقل ووزارة الصحة والتعاون الوطني ومديرا المكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمكتب الوطني للكهرباء ورؤساء أقسام العمل الاجتماعي والشؤون الاقتصادية والتجهيز والجماعات المحلية بالكتابة العامة للعمالة.
إن هذه اللجنة تجتمع مرتين في السنة على الأقل من أجل تشجيع التقائية المخططات الجماعية للتنمية بمخططات التنمية التربوية وتتبع نتائج إنجاز المخطط الإقليمي لتنمية التعليم والعمل على إنجاحه وإعداد تقارير دورية حول سير العمليات ، ترفع للجنة القيادة الجهوية
القرار العاملي يلح على إحداث لجن محلية على مستوى كل جماعة يترأسها رئيس الجماعة المعنية وتضم في عضويتها ممثلي السلطة المحلية ومديري المؤسسات التعليمية والمفتشين وممثلي جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ. وتجتمع هذه اللجن مرة كل ثلاثة أشهر وكلما دعت الضرورة إلى ذلك وتتولى المساهمة في وضع وتنفيذ وتتبع المخطط الجماعي لتنمية التعليم ودعم المشاريع المنبثقة عن هذا المخطط ومواكبة مجالس تدبير المؤسسات وتشجيع المبادرات الجماعية وإعداد تقارير دورية عن سير العمليات ترفع للجنة الإقليمية للتنسيق...
من خلال القراءة في هذا القرار العاملي الذي ستحدث بمقتضاه اللجنة الإقليمية واللجن المحلية للتنسيق المشترك قصد إنجاح الإصلاح التربوي بالإقليم يمكن أن نقف على الملاحظات التالية:
1. إن هذا القرار جاء بناءا على تنفيذ الاتفاقية المبرمة بين وزارة الداخلية ووزارة التربية الوطنية التي وقعت بتاريخ 11 شتنبر 2008، أي مرت أكثر من سنة (16 شهرا) من أجل تشكيل اللجن الإقليمية والمحلية.
2. إصدار هذا القرار بعد مرور 4 أشهر على تنفيذ البرنامج الاستعجالي (2009-2012) وغياب الجماعات المحلية في الإشراك طبقا لقرارات الوزارة الوصية وعدم استشارة تلك المؤسسات في إعداد الأوراش وعدم اطلاعها على مشاريع البرنامج الاستعجالي الذي سيطبق على أرضها.
3. رهان الوزارة على إشراك الجماعات المحلية في تموين البرنامج الاستعجالي (43 مليار درهم) . تلك الجماعات وخاصة الجماعات القروية تتخبط في التدبير المالي والإداري وبعضها لا يتوفر على سيولة مالية لأداء أجور الأعوان والأطر الجماعية وبالأحرى المساهمة المالية في البرنامج.
4. رهان الوزارة على مشاريع المخططات الجماعية للتنمية (2010-2015 ) طبقا للمادة 36 من الميثاق الجماعي من أجل إدراج مشاريع تدعم البرنامج الاستعجالي في غياب وضوح مالي وعجز الجماعات على وضع تلك المشاريع في انتظار قرار تنظيمي من وزارة الداخلية...
5. عجز اللجن المحلية على مواكبة مجالس التدبير للمؤسسات التعليمية علما أن المجالس الجماعية تمثل داخل مجالس التدبير بأحد المستشارين وينتخب لتلك المهمة .. وأن دور المستشارين في مجالس التدبير السلبي دائم الغياب وغير مواكب بل في بعض المؤسسات أصبح عائقا بسبب خلفياته الانتخابية...
6. تغييب المستشارين في اللجن المحلية والاقتصار على عضوية رئيس الجماعة المعنية ، ولنتصور دور الرئيس إذا كان أميا أو عدم اهتمامه بالتربية والتكوين ... هناك مستشارون ينتمون مهنيا إلى القطاع وتم إقصائهم وبالتالي ستكون المردودية سلبية.
7. غياب معايير اختيار ممثلي السلطة المحلية ومديري المؤسسات التعليمية المفتشون وممثلو جمعيات أباء وأمهات التلاميذ في اللجن المحلية وتم تغييب النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية وبعض رؤساء المصالح الخارجية وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات والمعاهد العليا، ورؤساء الغرف المهنية وتم التجييش اللجنة الإقليمية برؤساء الأقسام بالكتابة العامة للعمالة وتم تغييب زملائهم في الجماعات المحلية والتجييش بأعوان السلطة.
8. الاعتماد على المقاربة الأمنية والمالية في تنفيذ الاتفاقية المبرمة بين الوزارتين بتاريخ 11 شتنبر 2008 والدورية المشتركة عدد 91 بتاريخ 12 أكتوبر 2009، عوض المقاربة التربوية والاجتماعية وذلك من خلال إجبار السلطات المحلية والمصالح الإدارية بتطبيق مقتضيات ذلك القرار العاملي.
9. عدم اشتراك المجالس في الاطلاع على القرار العاملي وفي نتائج اللجن الإقليمية والمحلية والإدلاء بالاقتراحات والملاحظات وتقديم الملتمسات ... وأن رؤساء المجالس الجماعية والإقليمية ليست لهم الصلاحية في اتخاذ القرارات لدعم البرنامج الاستعجالي أو الإصلاح التربوي.
إذا أرادت وزارة الداخلية وبعض المصالح الخارجية والمكاتب الوطنية العمومية والشبه العمومية المشاركة والمساهمة في إنجاح الإصلاح التربوي فعليها أن تساعد على شق الطرقات وفك العزلة عن المركزيات والفرعيات والجماعات القروية وتعميم شبكة الكهرباء والماء والهاتف والإنترنيت وبناء سكنيات أسر التعليم واحتضان نساء ورجال التعليم وحمايتهم وتوفير النقل ودعم المطاعم المدرسية والداخليات والدعم الاجتماعي لتلاميذ العالم القروي وتحفيز الشغيلة التعليمية بتنفيذ مطالبها وخاصة اتفاق فاتح غشت 2007 والملف المطلبي المشترك للنقابات التعليمية الأربع الأكثر تمثيلية (النقابة الوطنية للتعليم ف. د. ش -الجامعة الوطنية للتعليم -الجامعة الحرة للتعليم -الجامعة الوطنية لموظفي التعليم) وعلى وزارة الداخلية أن تعتبر نفسها معنية في الإصلاح التربوي لأن التربية والتعليم هي ثاني قضية وطنية من حيث الأهمية بعد القضية الوطنية الأولى ... وأن تهتم بذلك كما تهتم بالتأهيل الحضري والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، أما غير ذلك فإن اللجن الإقليمية والمحلية للتنسيق المشترك قصد إنجاح الإصلاح التربوي بالأقاليم والجماعات المحلية ستبقى آليات مشلولة بدون روح كباقي اللجان.
ادريس سالك
9/4/2010