وزارة التربية الوطنية تعتمد برنامج «فين كوم» لوقف ظاهرة هجرة الأدمغة
تتوخى استقطاب أكثر من 110 باحثين وخبراء مغاربة مقيمن بالخارج في أفق 2012
هل تعالج خطوات إنقاذ الموسم الدراسي وتدابير إعادة تأهيل المؤسسات التعليمية المبرمجة من طرف وزارة التربية الوطنية ما خلفته فيضانات وادي سبو وروافده من آثار جسيمة في منطقة الغرب الشراردةتتوخى استقطاب أكثر من 110 باحثين وخبراء مغاربة مقيمن بالخارج في أفق 2012
بني احسن؟.. فقد حولت مياه الأمطار والسيول أراضي فلاحية وأحياء سكنية إلى برك مائية وبحيرات، وأتلفت 70 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية في سهل الغرب، وأدت إلى نزوح وتشريد أزيد من 12 ألف نسمة، موزعة على العشرات من القرى والدواوير، وجرفت مباني طينية وإسمنتية وصفيحية في مدن القنيطرة وسيدي سليمان ومشرع بلقصيري وسيدي يحي الغرب والخنيشات والحوافات... هذه المنطقة التي عاشت اضطرابات جوية، في الفترتين من 7 إلى 25 يناير 2010، ومن 15 فبراير إلى 25 مارس 2010، كانت لها آثار بليغة على بعض المؤسسات التعليمية وعلى السير العادي للدراسة في بعضها، أدت إلى تضرر البنية التحتية وانقطاع الدراسة في 31 مؤسسة تعليمية و222 وحدة مدرسية، يدرس بها 30217 تلميذا وتلميذة، لمدد تفاوتت ما بين 3 أيام إلى شهر...
وهل سيتمكن التلاميذ المتضررون من إتمام دراستهم لكل البرامج الدراسية المقررة، وخصوصا فئة السادس ابتدائي والثالثة إعدادي والأولى والثانية باكالوريا الذين تنتظرهم الامتحانات الختامية؟ ولو أن لطيفة العابدة، كاتبة الدولة المكلفة في التعليم المدرسي أكدت أنه تم تأجيل مواعيد امتحانات التعليم الابتدائي والإعدادي لإعطاء فرصة أكبر لهؤلاء التلاميذ لإعداد امتحاناتهم، حيث سينظم الامتحان الجهوي لنيل شهادة الدروس الإعدادية أيام 21، 22 و23 يونيو 2010 (عوض 17 يونيو 2010)، كما سينظم الامتحان الإقليمي لنيل شهادة الدروس الابتدائية يوم السبت 26 يونيو 2010 (عوض 23 يونيو 2010). أما بالنسبة إلى مؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي، فقد أكدت المسؤولة المباشرة عن التعليم المدرسي أن الدراسة لم تتوقف داخلها لمدد طويلة، نظرا إلى مواقع هذه المؤسسات، باستثناء الثانوية التأهيلية القصيبية التي كانت مركزا لإيواء الساكنة المتضررة من الفيضانات. كما أكدت أنه تم اتخاذ جميع التدابير لتوفير دروس الدعم والتقوية لفائدة تلاميذ هذه المؤسسة. وهذا يعني أنه لن يكون هناك أي تأثير على امتحانات الباكالوريا. وبخصوص التدابير المتخذة لإصلاح وإعادة فتح المؤسسات المغلقة، أجابت العابدة بأنه تم اعتماد ثلاثة محاور كبرى، وهي استثمار الإمكانيات التي تتيحها ميزانية البرنامج الاستعجالي، وخاصة المشروع المرتبط بتأهيل المؤسسات، وتحضير ميزانية استثنائية تستفيد منها مدارس المنطقة المتضررة لإعادة تأهيلها وتوفير الشروط الملائمة للعمل فيها، مع برمجة بعض الإجراءات الاحترازية، حتى لا تتكرر نفس الأوضاع في نفس المؤسسات (شق بعض القنوات لتصريف الماء داخل الساحات وبجوار المؤسسات)، واستثمار كافة الإمكانيات التي أتاحها نداء الأكاديمية، بتنسيق مع مدراء المؤسسات الذين يتوفرون على ميزانيات خاصة لمواجهة الأوضاع المستعجلة، كمنحة دعم مدرسة النجاح وأرصدة جمعيات الآباء وأرصدة جمعيات التنمية المدرسية وأرصدة الجمعيات الرياضية.
وأكدت العابدة أنه تم بذل مجهودات كبيرة واتخاذ العديد من الإجراءات، بتعاون مع مختلف الشركاء لإنقاذ الموسم الدراسي الجاري في العديد من المؤسسات التعليمية المتضررة. وقالت في جوابها، يوم الأربعاء المنصرم، على سؤال شفهي للفريق الحركي في مجلس النواب، إنه تم نصب وتجهيز أقسام على شكل خيام في المخيمات التي أعدتها السلطات المحلية لإيواء المتضررين، وتجند للتدريس في هذه الأقسام المتنقلة عدد من المدرسين ومديري المؤسسات المعنية. ونقل التلاميذ من بعض المؤسسات المتضررة إلى أقرب مدرسة إليهم، مع توفير النقل المدرسي للتلاميذ الذين كانوا يتابعون دراستهم في مؤسسات غير مؤسساتهم الأصلية. كما تم وضع خطة محكمة للدعم التربوي وتنفيذها بشكل دقيق، لاستدراك الزمن المدرسي، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل مؤسسة ومنطقة. وأضافت أنه تم ضمان كافة الشروط لاستمرار الدراسة خلال الفترة البينية (28 مارس و4 أبريل 2010) في المؤسسات المتضررة وفي بعض المؤسسات الأخرى أيضا، مما يدعو إلى التنويه بدور الأساتذة والإداريين في هذه العملية. كما فتحت كافة الداخليات في الجهة لاحتضان تلاميذ المؤسسات المتضررة خلال الفترة البينية وتقديم الدعم المكثف للتلاميذ خلالها، وبرمجة استمرار عمليات الدعم التربوي المنظم إلى غاية 30 أبريل 2010. وأشارت العابدة إلى النداء الذي رفعته الأكاديمية الوصية في الجهة تحت عنوان «المجتمع يحتضن مدرسته العمومية»، والذي دعت فيه مختلف مكونات المجتمع إلى المساهمة، إلى جانب الدولة، في إعادة تأهيل المؤسسات وتنظيم الدعم التربوي، لاستدراك الزمن المدرسي، مؤكدة أن هذا النداء لقي تجاوبا كبيرا من طرف مختلف الجمعيات والهيئات في الجهة. وعن إشكاليات تدبير الامتحانات الختامية في ظل الانقطاعات الدراسية التي حالت دون إتمام البرامج المقررة، أكدت العابدة أنه تم الحرص الشديد في الأكاديمية وفي النيابتين المعنيتين على تنظيم الدعم التربوي الاستدراكي لكافة التلاميذ، خاصة في المستويات التي تنتظرها الامتحانات الموحدة النهائية محليا وجهويا ووطنيا. وفي جواب لها على سؤال شفوي لفريق التجمع الدستوري الموحد في نفس الغرفة الأولى، حول هجرة الأدمغة الوطنية إلى الخارج، أكدت العابدة أنها ظاهرة عالمية تشهدها حتى الدول المتقدمة منها، كفرنسا مثلا، موضحة أنه للاستفادة من الكفاءات المغربية المهاجرة أو المقيمة في الخارج، تم إعداد سياسة وطنية لإشراك هذه الكفاءات في التنمية العلمية والتكنولوجية للبلاد، وأنه تم إحداث خلية في المركز الوطني للبحث العلمي والتقني تعنى بالعمل على استقطاب هذه الكفاءات، للمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب، إذ تتوفر هذه الخلية على قاعدة أولية للمعطيات الخاصة بالكفاءات المغربية المقيمة في الخارج تهم ما يزيد عن 500 باحث. ويقوم طاقم هذه الخلية، حاليا، في إطار المنتدى العالمي للكفاءات المغربية المقيمة في الخارج (استراتيجية «فين كوم»)، بتحيين هذه المعطيات. وأضافت أن الاستراتيجية ترتكز على مبدأ الاختيارية، وتعمل في اتجاه دعم الكفاءات المغربية في الخارج التي تعبر عن استعدادها للمساهمة في مختلف المجالات، تبعا لطلب مسبق من قبل المقاولات والجامعات والمعاهد... ويشمل هذا الدعم نوعين من الأنشطة، الأول يخص الخبرات التي تروم نقل المعرفة أو التكنولوجيا العالية أو الخاصة، والنوع الثاني يتعلق بتنشيط الملتقيات العلمية أو التقنية التي تحضر لإطلاق مشاريع كبرى أو ذات صبغة استراتيجية.
ولتعزيز دور الإاستراتيجية، أشارت العابدة إلى أنه تم تخصيص تمويل سنوي يمكّن من تغطية مصاريف النقل والإقامة للكفاءات المغربية المقيمة في الخارج عند قيامها بمهمات في المغرب، في إطار مشاريع محددة، وأنه منذ انطلاق البرنامج إلى حد متم أبريل 2010، تم دعم 124 مشروع خبرة و8 مشاريع لتنشيط الملتقيات العلمية أو التقنية. وتواصل الوزارة جهودها للنهوض به، عبر اتخاذ مجموعة من التدابير من قبيل القيام بحملات تعريفية بالبرنامج والتوقيع على اتفاقيات للتعاون وإحداث معاهد متخصصة، كالمعهد الوطني للنانوتكنولوجيا، فضلا عن مشروع «دينامية المعرفة لخدمة التعليم والتكوين». وللحد من ظاهرة هجرة الأدمغة، أكدت لطيفة العابدة أن الوزارة اتخذت خلال السنوات الأخيرة العديد من الإجراءات والتدابير للنهوض بالمنظومة الوطنية للبحث والابتكار والرفع من مردوديتها وجعلها أكثر جاذبية، حتى تستجيب لطموحات وتطلعات الباحثين، منها إحداث مجموعة من البنيات التحتية للبحث العلمي، كالشبكة المعلوماتية «مروان» والمعهد المغربي للإعلام العلمي والتقني ووحدات الدعم التقني للبحث العلمي، كما تم وضع عدة برامج وطنية للنهوض بالبحث العلمي، منها البرامج الموضوعاتية لدعم البحث العلمي، وبرنامج إحداث ودعم أقطاب الكفاءات، وبرنامج منـح البحث «منح التميز»، وبرنامج دعم النشر والتأليف والتظاهرات العلمية، ومشاريع المؤسسات في مجال البحث العلمي، في إطار عقود متعددة السنوات، وغيرها.
وعملت الوزارة على تعزيز التقارب بين الجامعة والمقاولة، عبر تفعيل مجموعة من البرامج والمشاريع، أبرزها الشبكة المغربية للحاضنات والانتشار، والوجيهات بين الجامعة والمقاولة، شبكة الانتشار التكنولوجي، وشبكة الهندسة الصناعية، وتشجيع الاستثمار في ميداني البحث والتكنولوجيا المشغلة للكفاءات العالية والمتوسطة، وإحداث مراكز متخصصة في البحث العلمي، كالمعهد الوطني للنباتات الطبية والعطرية في تاونات، ومعهد الدراسات والأبحاث الإسبانية والبرتغالية في الرباط، ومركز للدراسات والأبحاث حول الطاقة والماء ومركز للدراسات والأبحاث الصحراوية في مراكش. وأضافت أن الوزارة تواصل جهودها في هذا الشأن، وفق توجهات الاستراتيجية الوطنية لتنمية البحث العلمي وأجرأة البرنامج الاستعجالي 2009-2012 الذي سيمكن الكفاءات المغربية المقيمة في الخارج من المساهمة، بشكل مكثف، في تطوير أنشطة البحث في بلادنا، حيث سيتم العمل على استقطاب أكثر من 110 باحثين وخبراء مغاربة مقيمين في الخارج، في إطار البرنامج الحكومي (الملتقى الدولي للكفاءات المغربية في الخارج «فين كوم») في أفق 2012.
بوشعيب حمراوي