الرئيسية
أحدث الصور
مع بداية العد العكسي للدخول الاجتماعي القادم، تسارع المركزيات النقابية إلى عقد مجالسها الوطنية، وتتوالى البلاغات والتصريحات بخصوص الموضوعات التي يجب أن تدرج على طاولة الحوار الاجتماعي القادم.
الحصيلة الأولى للإعداد النقابي، الذي انطلق منذ منتصف شهر عشت الماضي، تشير إلى إجماع لدى المركزيات بسيادة نوع من الإحباط، الذي يجد تفسيره في الاقتناع باستمرار الهوة السحيقة بين مطالب الشغيلة وعروض الباطرونا، بالإضافة إلى تخلي الحكومة عن العديد من الملفات الهامة. وتجمع المركزيات النقابية الخمس، على أن جميع النقط التي تم التداول في شأنها برسم جولات المفاوضات السابقة لم يتم التوصل بشأنها إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، وبالتالي فهي لا تعدو أن تكون، في أحسن الحالات، أرضية لمواصلة مفاوضاتها مع الحكومة والتي سيحدد مسارها (أي المفاوضات) طبيعة الدخول الاجتماعي، الذي من المتوقع أن يتسم بالسخونة، بالنظر إلى جملة القضايا المطروحة، والغموض الذي يلف بعضها كما هو الشان بالنسبة لعزم الحكومة "إصلاح صندوق المقاصة"• بهذا الخصوص أعلنت الكنفدرالية الديمقراطية للشغل انسحابها من الحوار الاجتماعي إلى حين موافقة الحكومة على النقاط التي قدمتها هاته المركزية كأرضية للنقاش. وبرر نوبير الأموي انسحاب نقابته من الحوار، بكون "عدد من القضايا التي كانت ضمن أجندة الجولات السابقة من المفاوضات ما زالت عالقة نتيجة الحوار المغشوش تنضاف إليها عدد من المشاكل المرتبطة بالمواطنين، في طليعتها موجة الغلاء وتفشي البطالة"، داعيا الحكومة إلى" تفكير جدي في حل المشاكل العالقة وتفادي حرارة الدخول الاجتماعي"• ووصف الاتحاد المغربي للشغل الدخول الاجتماعي بالصعب وغير واضح المعالم. فقد اعتبر الميلودي موخارق حصيلة الحوار هزيلة لأنها "لا ترتقى إلى مستوى انتظارات الطبقة الشغيلة، بل ودون سقف الملاحظات والاقتراحات المعبر عنها على الدوام، في ظل الارتفاع الصاروخي لأسعار المواد والخدمات الاستهلاكية الذي ضربت القدرة الشرائية للمواطنين في الصميم"• وهو الموقف ذاته المعبر عنه من طرف الفدرالية الديمقراطية للشغل التي دعت الحكومة إلى التحلي بإرادة سياسية لحل المعضلة الاجتماعية، معتبرة أن طبيعة الدخول الاجتماعي تتوقف على أجندة الحوار، وسيتم تفويض القرار للمجلس المركزي لتدبير المراحل الأولى للدخول الاجتماعي مع الحلفاء في حال غياب حوار اجتماعي منتج. في هذا السياق، أوضح عبد الرحمن العزوزي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، في اتصال ببيان اليوم أن الحوارات السابقة التي جمعت النقابات بالحكومة لم تتمخض عنها نتائج في المستوى المأمول، ملمحا إلى إمكانية اللجوء إلى تصعيد نضالي جديد مشترك مع بعض النقابات مع مطلع الدخول الاجتماعي المقبل في شكل احتقان اجتماعي جديد ينضاف إلى مسلسل الاحتقان الاجتماعي الذي شهدته سنة 2008، خاصة بعد صدور البلاغ المشترك بين وزارة تحديث القطاعات العامة ووزارة التشغيل والتكوين المهني. هذا البلاغ الذي يؤكد، حسب عبد الرحمان العزوزي، سياسة الأمر الواقع التي تحاول الحكومة فرضها بشتى الطرق، بما في ذلك توهيم الرأي العام بأن النقابات هي المسؤولة عن فشل الحوار الاجتماعي وبلوغه الباب المسدود. وبما أن الاتحاد الوطني للشغل، إلى جانب الاتحاد المغربي للشغل، يعتبر، حسب محمد يتيم، حليف الفدرالية الديمقراطية للشغل، فان إمكانية المشاركة في التصعيد الذي تحدث عنه العزوزي واردة. فالحوار الاجتماعي، يضيف الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل، لا يعدو أن يكون، ركونا إلى الخلف، وتحديدا إلى أجواء ابريل 2008، مشددا على ضرورة حضور عباس الفاسي لدورات الحوار الاجتماعي المقبلة بصفته وزيرا أولا ولإبداء حسن نوايا الحكومة خاصة بعد المستجدات التي غيرت منهجيتها في التعاطي مع ملف الحوار الاجتماعي من خلال جملة من التراجعات. ويرى محمد يتيم الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل، ان الحكومة ببلاغها الأخير عادت إلى أطروحات فرض عروض أحادية الجانب تعتمد على إقصاء باقي مقترحات المركزيات النقابية وهو الطرح الذي كانت قد اعتمدته في السنة الماضية وأدى إلى جملة من مظاهر الاحتقان الاجتماعي. وفي نقد ذاتي، لم تهمل المركزيات استمرار تباعد مواقفها كعامل من عوامل تعثر الحوار وتأثير ذلك على ما ينتظر من الدخول الاجتماعي. فقد حمل العربي محمد القباج الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب مسؤولية جمود الحوار ليس فقط إلى الحكومة و الباطرونا بل أيضا إلى النقابات. فالمركزيات النقابية ، يقول العربي محمد القباج لبيان اليوم، تلج الحوار دون الاتفاق على أفكار موحدة ومنسجمة تضمن الضغط الملائم والمطلوب، داعيا في هذا الإطار إلى عقد اجتماعات بين المركزيات لسد الطريق على معطى التشتت النقابي الذي تستغله الحكومة عندما يحتدم النقاش خلال جلسات الحوار.
بيان اليوم