مجزوءة الإنسان
الشخصيعتبر مفهوم الشخص من المفاهيم التي حضيت باهتمام العديد من الفلاسفة و المفكرين و العلماء من مجالات معرفية متعددة منها : علم النفس، علم الاجتماع، القانون، الأخلاق، الفلسفة...لذلك يطرح إشكالات صعبة مرتبطة بحقيقة الإنسان و ما يتعلق بها من قيمته و مصيره و حريته.
"باسكال" التأمل العقلي بمثابة الوسيلة الوحيدة التي يمكن اعتمادها في معرفة حقيقة الإنسان.
الشخص والهوية
يبدو واضحا أن تحديد هوية الشخص استنادا على المظهر الخارجي للشخص أو حتى على مجموع مميزاته سواء المتعلقة بالجنس والعمر والعمل ...ضربا من ضروب المستحيل لكون كل هذه الاعتبارات متغيرة وبالتالي غير قارة وثابة . ولهذا السبب كانت ضرورة مقاربة هذه الهوية من خلال ما هو قار وثابت في الشخص باعتباره نظاما"جون لوك" إن الإدراك الحسي أساسي في الوصول إلى حقيقة الشخص، وبالتالي شخص الإنسان وهويته تنبني على مسألة الشعور.
"شوبنهاور"إن هوية الشخص تتأسس على الإرادة، واختلاف الناس يرجع أساسا إلى اختلاف إراداتهم.
الشخص بوصفه قيمة
لا يختلف اثنان عن أن الإنسان كائن مميز بين كل الكائنات الأخرى ،فهو الكائن لأكثر جدلا كما جاء في القرآن الكريم(ولقد صرفنا في هذا الكتاب من كل شيء وكان الإنسان أكثر شيء جدلا) وميزته تكمن في مدى بعده القيمي الذي حظي به .
لكن أين تكمن قيمته؟هل تكمن في كونه غاية أم أنه لا يعدو يكون مجرد وسيلة؟
"كانط" يعتبر أن قيمة الشخص تنبع من امتلاكه للعقل هذا الأخير الذي يعطي للإنسان كرامته ويسمو به، إنه يُشرع مبدأ الواجب الأخلاقي.
"غوسدورف" قيمة الشخص تتحدد داخل المجتمع لا خارجه،فالشخص الأخلاقي لا يتحقق بالعزلة والتعارض مع الآخرين بل العكس.
الشخص بين الضرورة والحرية
إذا كانت قيمة الشخص تكمن في بعده العملي الأخلاقي أكثر من أي شيء آخر، فهل يعتبر الشخص كيانا حرا مستقلا عن أي إلزام أو إكراه، أم أنه خاضع لضرورات وحتميات لا سبيل لديه للانفلات من رقابتها؟ "ج. ب. سارتر" حقيقة الإنسان تنبني أساسا على الحرية، فحقيقة الإنسان بمثابة مشروع يعمل كل فرد على تجديده من خلال تجاربه واختياراته و سلوكاته وعلاقاته بالآخرين.
"إمانويل مونيي"حرية الإنسان ليست مطلقة، وشرط التحرر من الضغوطات هو تحقيق وعي بالوضعية، والعمل قدر الإمكان على التحرر من الضغوطات.
الغير
إن مفهوم الغير اتخذ في التمثل الشائع معنى تنحصر دلالته في الآخر المتميز عن الأنا الفردية أو الجماعية (نحن). ولعل أسباب هذا التميز إما مادية جسمية، وإما أثنية (عرقية) أو حضارية، أو فروقا اجتماعية أو طبقية، ومن هذا المنطلق، ندرك أن مفهوم الغير في الاصطلاح الشائع يتحدد بالسلب، لأنه يشير إلى ذلك الغير الذي يختلف عن الأنا ويتميز عنها، ومن ثمة يمكن أن تتخذ منه الذات مواقف، بعضها إيجابي كالتآخي، والصداقة وما إلى ذلك، وأخرى سلبية كاللامبالاة، والعداء... تطرح معرفة الغير إشكالات فلسفية اختلفت إجابات الفلاسفة فيها، و من أهم هذه الإشكالات سنقف عند إمكانية معرفة الغير كذات واعية. و هو إشكال يتعلق أساسا بإعطاء قيمة لهذا الإنسان الذي نحاول معرفته، أما الإشكال الثاني فيتعلق بمنهجية التعرف على الغير.
وجود الغير:
لكن كيف نستدل على وجود الغير باعتباره وجودا خارج الذات،بالرغم من أنه وجود
مختلف عن باقي الموضوعات الأخرى التي تشكل العالم الخارجي؟
"مارتن هايدغر" وجود الغير مهدد لوجود الذات ما دام يحرمها من خصوصياتها، والغير مفهوم قابل لكي يطلق على كل إنسان.
"ج. ب. سارتر"وجود الغير يهدد الذات من جهة وضروري لها من جهة أخرى، إن نظرة الغير إلينا تحرمنا من هذه الحرية وتجعلنا مجرد شيء أو عَبْدٍ.
معرفة الغير:
هل معرفة الغير ممكنة ؟ وكيف تتم معرفته؟ "إدموند هوسرل" معرفة الغير ممكنة ما دام جزءا من العالم الذي أعيش فيه، وما أعرفه من الغير هو المستوى الذي يشاركني و يشابهني فيه.
"غاستون بيرجي" تتأسس حقيقة الإنسان على تجربته وعلى إحساساته الداخلية، إن هناك فاصلا بين الذات والغير يستحيل معه التعرف على حقيقة هذا الغير.
العلاقة مع الغير:
لا يمكن اختزال العلاقة مع الغير في علاقة إبستيمية /أو معرفية/ من أي نوع .
إن العلاقة مع الغير يمكن أن تكون علاقة أكسيولوجية قيمية تحكمها ضوابط
أخلاقية كالأنانية، والغيرية، والظلم، والتسامح ...الخ. وهذا ما يضطرنا
إلى الوقوف عند نموذجين للعلاقة مع الغير هما : الصداقة والغرابة .
ادن
هل العلاقة مع الغير هي علاقة تكامل أم تنافر ?
"إمانويل كانط" الصداقة هي النموذج المثالي للعلاقة مع الغير، و مبدأ الواجب الأخلاقي يفرض على الإنسان الالتزام بمبادئ فاضلة وتوجيه إرادته نحو الخير دائما.
"أوغست كونت" إن الغيرية باعتبارها نكران للذات وتضحية من أجل الأخر هي الكفيلة بتثبيت مشاعر التعاطف و المحبة بين الناس.
التاريخ
يعتبر مفهوم التاريخ من الموضوعات التي تهتم بالإنسان وذلك بهدف تخليد تجاربه و معارفه، و لقد بدأ الاهتمام بكتابة التاريخ منذ العصور القديمة. غير أن البحث في مجال التاريخ يطرح إشكالات متعددة، يتعلق أولها بالوصول إلى المعرفة التاريخية من خلال اعتماد مناهج دقيقة و محاولة تحري الصدق و الوصول إلى اليقين، غير أن الحقيقة اليقينية في المعرفة التاريخية يصعب الوصول إليها، وذلك بسب(تدخل ذاتية المؤرخ، وقلة الآثار والوثائق المعتمدة وكون الواقعة التاريخية غير قابلة للتكرار)، أما الإشكال الثاني فيتعلق بدور الإنسان في التاريخ، ويتجلى الإشكال الثالث في تحديد أهمية المعرفة التاريخية الماضية بالنسبة للحاضر و المستقبل.
المعرفة التاريخية
إذا كانت المعرفة التاريخية تسعى إلى تحديد معالم الماضي
باعتباره مجموعة من الوقائع التي حصلت في زمان ومكان محددين فإن استحضار
هذا الماضي ليس عملية سهلة لأن ذلك يقتضي توفر منهج خاص يعيد بناء الظاهرة
التاريخية انطلاقا من الوثائق التاريخية ولكن مع ذلك يضل بناء معرفة دقيقة
بالماضي يواجه عائق المسافة الزمنية التي تفصل الماضي عن الحاضر والتي
تجعل إدراك معاني ودلالات سلوكات وإنجازات الذين عاشوا قبلنا عملية صعبة
مما يتطلب استعدادا ذهنيا خاصا واحتياطا منهجيا كفيلا ادن كيف يمكن أن تكون معرفتنا بالتاريخ معرفة علمية وموضوعية؟ . "بول ريكور" كتابة التاريخ مسالة صعبة، فمعرفتنا بالتاريخ لا تعد حقيقة مطلقة بل هي معرفة نسبية غير أنها ومع ذلك تعد معرفة علمية موضوعية.
"ريمون ارون"معرفة الإنسان بالتاريخ عملية صعبة ما دامت تعتمد على استخراج دلالة الوثائق والمعطيات والآثار المنتسبة إلى الماضي، فالمؤرخ مطالب بالتزام الموضوعية وأن يعيش على المستوى الذهني في اللحظة التاريخية التي يريد أن يدرسها.
التاريخ و فكرة التقدم
يقود التاريخ من حيث هو تسلسل للأحداث الماضية إلى
تساؤلات عن منطق التاريخ هل هو تقدم أم تكرار؟هل هو تقدم محكوم بضرورة أم
أنه يسير تحت رحمة الصدفة؟ "ك. ماركس" يتقدم التاريخ نحو الأفضل بفعل التناقض بين الإنتاج وعلاقات الإنتاج، وينتهي هذا التناقض بميلاد مجتمع جديد وبالتالي تاريخ جديد.
"م.م. بونتي " تسلسل أحداث التاريخ يجعلها خاضعة لمنطق يتصف بكونه منفتحا على احتمالات جديدة، ولهذا لا يمكن الحكم على التاريخ لأنه خاضع لمبدأ السببية الحتمية.
دور التاريخ في التقدم
يمكن اعتبار التساؤل عن دور الإنسان في التاريخ
استمرارا للتساؤل عن منطلق التاريخ بصيغة أخرى. فالتاريخ هو أحداث ووقائع
تقف ورائها اختيارات وقرارات.فهل يعني هذا أن الإنسان فاعل تاريخي حقا؟ . "ف. هيغل" ليس الانسان سوى وسيلة في يد التاريخ، إن التاريخ بمكره يوهمه أنه صانع التاريخ غير انه لا ينفد سوى ارادة التاريخ وفق مسار الروح المطلق .
"ج.ب. سارتر" الإنسان صانع التاريخ بفضل ما يتمتع به من الحرية والوعي و القدرة على الاختيار بين إمكانات متعددة، وصناعة التاريخ تستوجب استحضار الوعي و المسؤولية .
مجزوءة المعرفة
النظرية العلمية
تطرح علاقة النظرية بالتجربة إشكالا يتمثل في تحديد الأساس الذي ينبغي اعتماده لفهم العالم إذ نجد عددا من الفلاسفة و المفكرين يعتبرون أن للعقل القدرة الكاملة على فهم قوانين العالم و اكتشاف أسراره وذلك عن طريق التأمل النظري لأن العقل يمتلك أفكارا فطرية تؤهله لفهم كل ما في الوجود، بينما نجد عددا من الفلاسفة و العلماء يعتبرون أن المعرفة ينبغي أن تُستمد من الواقع وذلك من خلال اعتماد التجربة و الحواس، غير أن هذا الاختلاف الموجود بين التصورين يفضي إلى نمطين من البحث يكون أحدهما بحث عقلاني بينما يكون الآخر بحث تجريبي.
التجربة و التجريب
ما العلاقة إذن بين النظرية و التجربة في المعرفة العلمية؟ ما الوضع الذي يأخذه التجريب في بناء النظرية؟ "كلود برنارد" يركز على دور التجربة والملاحظة لبناء المعرفة العلمية مع الالتزام بخطوات المنهج التجريبي(الملاحظة ثم الفرضية فالتجربة).
"روني طوم"التجربة تحتاج إلى العقل والخيال، ويتجلى دور العقل في بناء المعرفة من خلال صياغة الفرضية، مع إمكانية القيام بتجارب ذهنية.
العقلانية العلمية
هل يشكل التجريب أساس النظرية و منطلقها؟ "ألبير انشتاين" العقل مصدر المعرفة العلمية وذلك لأنه ينتج مبادئ وأفكار، وتبقى التجربة بمثابة أداة مساعدة لإثبات صدق النظرية.
"غاستون باشلار"تعد المعرفة العلمية نتيجة تكامل عمل كل من العقل والتجربة، العقل ينتج أفكارا وتصورات، تعمل التجربة على استخلاص المعطيات الحسية.
معايير علمية النظرية العلمية
ما معيار علمية نظرية ما "بيير تويلي" تعدد التجارب والاختبارات في وضعيات مختلفة، يضفي الانسجام على النظرية كما ينبغي على النظرية أن تخضع لمبدأ التماسك المنطقي.
"كارل بوبر" لكي تكون النظرية علمية ينبغي أن تخضع لمعيار القابلية للتكذيب وذلك بوضع افتراضات تبين مجال النقص في النظرية.
العلوم الإنسانية
لقد كان ظهور العلوم الإنسانية خلال ق. 19 جد متأخر بالمقارنة مع العلوم التجريبية، لهذا لازالت تعاني من صعوبات في تحديد موضوع دراستها وفي اختيار المنهج المناسب للبحث، غير أن أهم الإشكالات التي تطرحها : تتمثل في تحديد علاقة الذات بالموضوع ما دام الإنسان هو الذات الباحثة و في نفس الوقت هو موضوع البحث. و يترتب عن ذلك تحديد قيمة المعرفة التي تنتجها العلوم الإنسانية إذا ما قورنت بما تنتجه العلوم التجريبية. هل يمكن التعامل مع الإنسان باعتباره موضوعا أو شيئا؟ ما قيمة المعرفة التي تصل إليها العلوم الإنسانية؟ هل يمكن تطبيق المناهج التجريبية في دراسة الظاهرة الإنسانية؟
موضعة الظاهرة الإنسانية:
غالبا ما تطرح إشكالية الموضعة في مرحلة نشأة علم ما، عندما ينشغل رواده بتعريف موضوع علمهم ليتسنى لهم دراسته .هل يمكن ان يكون الانسان موضوعا للمعرفة ? ."جون بياجي" يواجه الباحث في العلوم الإنسانية مشكل تحديد المنهج المناسب إلى جانب التخلص من الذاتية، و ينتج عن هذا الوضع المتداخل صعوبة تحقيق الموضوعية.
"فرانسوا باستيان" يؤكد على ضرورة الفصل بين الذات والموضوع والالتزام بالحياد، وذلك بتأمل الظواهر باعتبارها أشياء ويقتدي بالعلوم التجريبية.
التفسير و الفهم في العلوم الإنسانية:
هل يمكن اعتماد الفهم والتفسير في دراسة العلوم الإنسانية؟ و كيف يساهم التفسير و الفهم في بناء المعرفة ضمن العلوم الإنسانية؟
"ك. ل. ستراوس" البحث في مجال العلوم الإنسانية لا يستطيع أن يصل إلى تفسير دقيق للظواهر، كما لا يستطيع أن يصل إلى تنبؤ صحيح بما ستكون عليه.
"فلهلم دلتاي"يرفض تقليد العلوم التجريبية كما يرفض اعتماد التفسير في دراسة الظواهر الإنسانية، و يؤكد على ضرورة بناء منهج يناسب الظواهر الإنسانية.
نموذجية العلوم التجريبية:
هل تعتبر العلوم الإنسانية بمثابة نموذج ينبغي لباقي العلوم أن تقتدي به؟ كيف يمكن للعلوم الإنسانية أن تتخلص من حضور الذاتية في النتائج؟
"ورنيي - طولرا"إن العلوم الإنسانية لا يمكنها أن تصل إلى معرفة حقيقية للظواهر الإنسانية إلا بهذا التداخل بين الذات و الموضوع، فلا ينبغي ألا تطغى هذه الذاتية على البحث فتغير من نتائجه و تأول دلالته.
"م. ميرولو بونتي" كل إنسان ينطلق من وجهة نظره الخاصة ومن فهمه الخاص إن حضور الذات مركزي في تكوين كل معارف الإنسان.
الحقيقة
تعتبر الحقيقة هدفا لكل بحث علمي ولكل تأمل فلسفي, إنها الغاية التي ينشدها كل إنسان سواء في علاقات اجتماعية أو في حياته الشخصية أو في علاقته بالوجود. غير أن مفهوم الحقيقة يتصف بنوع من الغموض سببه تعدد الحقائق، و تعدد مصادر المعرفة كما تطرح صعوبة تمييز الحقيقة عن أضدادها نتيجة تداخلهم، وهو ما يستوجب وضع مفهوم الحقيقة موضع سؤال. إذ يقتضي الأمر في البداية معرفة الحقيقة و تحديد دلالتها ، ثم إبراز الوسائل المعتمدة للوصول إلى الحقيقة (هل هو العقل أم الحواس), و أخيرا تحديد معيار التمييز بين الحقيقة و اللاحقيقة.
الرأي والحقيقة:
يعتقد كل واحد منا انه يعرف جيدا اراءه وانه مقتنع بها بوصفها حقاءق يقينية فهل الاراء فعلا حقاءق يقينية ? وهل الحقيقة معطى ام بناء ? "بليز باسكال" هناك حقائق مصدرها العقل ويتم البرهان عليها، وحقائق مصدرها القلب ويتم الإيمان أو التسليم بها، إن العقل يحتاج إلى حقائق القلب لينطلق منها بوصفها حقائق أولى.
"غاستون باشلار" الرأي عائق معرفي يمنع الباحث من الوصول إلى الحقيقة التي يتوخاها، إن الحقيقة العلمية تنبني على بحث علمي خاضع لمنهجية دقيقة تسمو به فوق.
معايير الحقيقة:
بين العقل و التجربة .بين البداهة والمطابقة للواقع تمتد المسافة المعبرة عن اشكالية معيار الحقيقة. فادا كان العقل هو وسيلةالمعرفة فان العالم المحسوس هو موضوعها اذن ما معيار الحقيقة ? iهل هو مطابقة الفكر لمبادئه ام مطابقة الفكر لمبادئه ام هما معا ? " ديكارت" الحدس والاستنباط أساسا المنهج المؤدي إلى الحقيقة، الحدس نفهم به حقيقة الأشياء بشكل مباشر والاستنباط هو استخراج معرفة من معرفة سابقة نعلمها.
"اسبينوزا" الحقيقة معيار لذاتها إذ بفضل معرفتها نستطيع تجنب الخطأ والوهم، فشرط معرفة نقيض الشيء هو معرفة الشيء ذاته.
الحقيقة بوصفها قيمة :
لقد اعتبرت الحقيقة عبر تاريخ الفلسفة قيمة عليا لكن الفلاسفة اختلفوا في تحديد طبيعة هذه القيمة اذن ما طبيعة االحقيقة كقيمة هل هي قيمة معرفية ام اخلاقية ام نفعية ام انها قيمة وجودية مرتبطة بالحياة والمعنى و الحرية ? "مارتن هايدغر" كل انحراف على الحقيقة يجعل الإنسان يتيه ويضل عن الفهم السليم للأشياء وينتج التيه بسبب اعتماد الإنسان على الأفكار المسبقة في فهمه للأشياء.
"فايل" نقيض الحقيقة التي يهددها ليس الخطأ بل العنف الذي يؤدي إلى رفض الآخر والدخول في صراع معه وإيقاف التفكير والاستبداد بالرأي،
مجزوءة السياسة
الدولة
يتربع مفهوم الدولة عرش الفلسفة السياسية، لما يحمله من أهمية قصوى سواء اعتبرناه كيانا بشريا ذو خصائص تاريخية، جغرافية، لغوية، أو ثقافية مشتركة؛ أو مجموعة من الأجهزة المكلفة بتدبير الشأن العام للمجتمع. وتعد الدولة مدافعة عن حقوق الإنسان ومنظمة للعلاقات الاجتماعية وضامنة للأمن، و لكنها في نفس الوقت تمارس سلطات على الإنسان و تحد من حرياته. فإن دل الاعتبار الثاني على شيء فإنما يدل على كون الدولة سيف على رقاب المواطنين وعلى هؤلاء الامتثال والانصياع،
"أرسطو":لا يمكن للإنسان أن يعيش منعزلا ما دام يحتاج للآخرين، لذلك وجب الخضوع لتنظيم يهدف إلى خدمة المصالح العامة، وتظل الدولة أهم من الفرد.
مشروعية الدولة وغاياتها:
من أين تستمد الدولة مشروعيتها؟ و ما هي غاياتها؟
"اسبينوزا" ليس الهدف من الدولة الاستبداد والإخضاع، بل هدفها ضمان حقوق الناس وتوفير حرياتهم، شريطة ألا يتصرفوا ضد سلطتها.
"هيغل" تقوم الدولة بخدمة الأفراد وبشكل تنظيمي توفر لهم حقوقهم، وتبقى أهم من الفرد باعتبارها أفضل وجود للإنسان.
طبيعة السلطة الذاتية:
كيف ينبغي للحاكم أن يتعامل مع شعبه؟ هل يجب أن يقوم بكل ما يضمن له السلطة و الاستمرارية، أم ينبغي أن يكون قدوة لشعبه؟
"ماكيافيلي"على الحاكم أن يستخدم كل الوسائل للتغلب على خصومه وبلوغ غايته، وعليه أن يعرف كيف يخضع الناس لسلطته بالقانون والقوة معا.
"ابن خلدون" على الحاكم أن يكون القدوة لشعبه يحترم الأخلاق الفاضلة ويدافع عن الحق، وعليه أن يتعامل بحكمة واعتدال مع شعبه.
الدولة بين الحق والعنف:
من أين تستمد الدولة مشروعيتها، هل من الدفاع عن الحقوق أم من اللجوء إلى العنف؟ و كيف يتم تدبير العنف داخل الدولة؟ أليس الاعتماد على العنف دليل على عدم مشروعية الدولة؟
"ماكس فيبر" الدولة وحدها من تمتلك حق ممارسة العنف وذلك لإخضاع الناس للقانون ومن هنا فإن العنف الذي تمارسه الدولة يعتبر مشروعا.
"عبد الله العروي" كل دولة تعمل على إخضاع الشعب لسلطاتها بالقوة والعنف ولا يجمع عليها الناس ولا يكون الحاكم مختارا من طرف الشعب لا تعتبر دولة شرعية، والعكس صحيح.
العنف
يعتبر العنف بمثابة إفراط في استخدام القوة بشكل يخالف القانون ويؤدي إلى إلحاق الضرر سواء بالطبيعة أو الإنسان، غير أنه لا يمكن حصر العنف في نموذج واحد من السلوكات بل يتخذ أشكالا متعددة مادية ومعنوية، ويأتي الاهتمام بالعنف في إطار فهم طبيعة الإنسان وتنظيم علاقته بالغير قد كان اهتمام الفلاسفة بالعنف منذ العصور القديمة، غير أن العصور الراهنة جعلت البحث في مجال العنف يتشعب ويتسع، إذ أصبح ينظر إلى العنف على أنه مشكل يهدد استقرار المجتمع غير أن العنف تنبع أصوله من رغبات الإنسان و متجدر في الطبيعة.
" ج. ج. روسو" العلاقات الاجتماعية تتصف بممارسات كثيرة للعنف، و مصدر العنف هو الدفاع عن الملكية الخاصة.
أشكال العنف :
ما هي أشكال العنف؟ هل العنف طبيعي أم ثقافي؟
" لورنتز" يشترك الإنسان مع الحيوان في الجوانب العدوانية، ويتصف الحيوان بامتلاك كوابح طبيعية عصبية، أما كوابح الإنسان فهي ثقافية.
" كلوزفتش" الحرب هي ممارسة العنف اتجاه الغير بهدف إخضاعه لإرادة الذات، الحرب سلوك عدواني يقتصر على الإنسان فقط.
العنف في التاريخ:
هل يتراجع العنف مع تقدم التاريخ، أم العكس؟ و ما هو نوع العنف المتحكم في التاريخ؟
" انغلز" هناك عنف سياسي وعنف اقتصادي هدفه الإنتاج وامتلاك وسائل الإنتاج، وغالبا ما يحدد الثاني الأول ما دام العنصر الاقتصادي اساس التطور.
" فرويد" السلطة الناتجة عن اتحاد واتفاق الجماعة هي مصدر الحق والقانون، والقانون بمثابة عنف جماعي يوجه ضد المتمردين بهدف الحفاظ على الحقوق.
العنف والمشروعية:
هل هناك عنف مشروط أم إن كل إشكال العنف مرفوضة؟ من يمتلك حق ممارسة العنف؟ هل يحق للشعب مواجهة عنف الدولة بعنف مضاد(الثورة)؟
" كانط" تمرد الشعب واستخدامه للعنف يؤدي إلى الفوضى وتضيع معها كل الحقوق، إن الحاكم وحده من يملك حق استخدام العنف.
" فايل" العنف سلوك حيواني عدواني يحط من قدر الإنسان، انه مشكل أمام الفلسفة، إذ تعد الفلسفة صراع فكري لا جسدي.
الحق و العدالة
الحق يندرج ضمن علاقات اجتماعية لا ينبغي أن يكون مطلقا بل يستوجب استحضار الواجب، والحق منهجية ووصايا تحدد للسلوك طريقا للأخلاق الفاضلة، والحديث عن الحق يستوجب استحضار مفهوم العدالة باعتباره قانونا يضمن للأفراد التمتع بحقوقهم وسلطة تلزمهم باحترام واجبات الآخرين، ويعتبر مفهوم الحق من المفاهيم النبيلة إذ تلتقي مع قيم الواجب والحرية والإنصاف.
الحق بين الطبيعي و الوضعي:
هل أصل الحق طبيعي تماسس على القوة، أم أن مصدره ثقافي مستمد من القوانين و تشريعات المجتمع؟
"هوبز" كان الإنسان قبل تكوين الدولة والمجتمع يتمتع بحق طبيعي يخوله استخدام القوة للوصول إلى ما يستطيع الحصول عليه، بسبب هذه الفوضى فضل الإنسان الانتقال إلى حالة المجتمع من خلال تعاقد اجتماعي،
"ج.ج.روسو" كان الإنسان يتمتع بحقوقه في حالة الطبيعة، ومع تغير الأحداث جاء المجتمع فكان التعاقد الاجتماعي مصدرا لحقوق ثقافية.
العدالة أساس الحق:
"اسبينوزا" العدالة هي تجسيد للحق وتحقيق له فلا توجد حقوق خارج إطار القوانين، ولهذا يُمنع على الحاكم خرق القانون لأنه هو من يسهر على تطبيقه.
"آلان" أساس التمتع بالحقوق هي العدالة، والعدالة هي القوانين التي يتساوى أمامها كل الأفراد بغض النظر على اختلافاتهم.
العدالة بين الإنصاف والمساواة:
هل يكفي تطبيق القانون والعدالة لينال كل فرد حقه؟ أم لابد من استحضار الإنصاف؟ وهل ينبغي تطبيق القانون بشكل حرفي، أم لابد من اتخاذ خصوصية كل حالة؟
"أرسطو" العدالة ينبغي أن تتجه نحو الإنصاف ومعنى ذلك أن يتم تطبيق القانون وفق فهم سليم مع مراعاة ظروف الإنسان دائما وحسب الحالة الخاصة.
"راولس" تتأسس العدالة على مبادئ أخلاقية منها مبدأ الواجب الذي يلزم الإنسان الاتصاف بالعدل، والعدالة حسب هي المساواة النابعة من أساس طبيعي، ومستندة على اتفاق يتم بموجبه صياغة قوانين تتوخى الإنصاف، وتنبني العدالة على مبدأين المساواة في الحقوق و الواجبات.
الواجب
يشير الواجب إلى ما ينبغي على الفرد القيام به، و لكن ما يجب على الإنسان قد يقوم به بشكل حر و إرادي ملتزما بأدائه وعيا منه لما يحققه له ولغيره من نفع، و قد تتدخل سلطة خارجية تلزم الإنسان وتكرهه على الخضوع له، لكن احترام الواجب يستوجب نوعا من الوعي الأخلاقي سواء كان أصل هذا الوعي فطريا أم مكتسبا، إلى جانب تدخل المجتمع في مراقبة أفراده.
الواجب و الإكراه:
هل يكون الإنسان ملزما بالقيام بالواجب تحت إكراه سلطة خارجية، أم أن الواجب ينبع من التزام ذاتي و خضوع إرادي ؟
"كانط"رقابة العقل هي التي تفرض على الإنسان الالتزام بالواجب، وينبغي أن يتأسس الواجب على الإرادة الطيبة وتوخي الخير في كل سلوك،
"ج.ماري غويل"الواجب نابع من الحياة وقوانينها ويرتبط بقدرة الإنسان وشعوره بما يستطيع القيام به دون أي إكراه، وكل قدرة تنتج واجبا.
الوعي الأخلاقي:
كيف يتكون لدى الإنسان الوعي بالواجبات؟ وما مصدر الإحساس بضرورة احترام الواجب؟
"ج.ج. روسو" الإحساس بضرورة احترام الواجبات فطري في الإنسان، إن الإنسان يعرف الخير بشكل فطري ولا يحتاج للدين والمجتمع والثقافة ليتعلم ما هو خير.
"نيتشه" الوعي الأخلاقي باحترام الواجب مصدره العلاقات الاجتماعية فبين الدائن و المدين (في القرض) يحضر تأنيب الضمير الذي يلزم الفرد بإرجاع ما أخذه من الغير.
الواجب والمجتمع:
هل احترام الواجب نابع من سلطة المجتمع، أم ينبغي على الإنسان الالتزام بواجبات تجاه الإنسانية جمعاء؟ هل الواجب يرتبط بكل مجتمع و يختلف من مجتمع لآخر، أم انه مرتبط بالإنسان عموما؟
"إميل دور كايم" احترام الواجب مصدره سلطة المجتمع، بمعنى أن المجتمع يفرض رقابته على الأفراد لكي يقوموا بالواجبات.
"برغسون" لا بد من توفر سلطة المجتمع من اجل احترام الواجب، ولا بد من الانفتاح على الواجبات الكونية التي تتجاوز انغلاق المجتمع.
السعادة
تعتبر السعادة هدفا أسمى يتوخى كل إنسان الوصول إليه، وتعمل الأخلاق والدين والسياسة على توفير الظروف المناسبة للسعادة وعلى توجيه الإنسان إلى الطريق المؤدي إليها، غير أن مفهوم السعادة يختلف تحديده من فرد إلى آخر، فهناك من يركز على السعادة المادية، وآخر على السعادة الروحية بينما يركز آخر على السعادة العقلية (المعرفية)، ولقد اهتمت الفلسفة بالسعادة منذ العصور القديمة فأنتجت تصورات مختلفة بطرق تحصيل السعادة الفردية و الجماعية.
"الفارابي" السعادة هي أعظم الخيرات، إن الإنسان لا يحقق سعادته إلا بالاجتماع والتعاون والتكامل والالتزام بالأخلاق الفاضلة.
تمثلات السعادة:
ما هي السعادة؟ و كيف يمكن تحقيقها؟
"أرسطو" السعادة خير نسعى إليه من أجل ذاته، وتتحقق سعادة الفرد بالتزامه بالأخلاق الفاضلة، ثم إن السعادة حسب تنبني على الاجتهاد والجد و ليس اللهو.
"كانط" السعادة تصور كامل مجرد بينما حياة الإنسان تنبني على كل ما هو جزي و تجريبي، إذن السعادة بمثابة مثال للخيال لا يمكن تحقيقه.
البحث عن السعادة:
هل التقدم الإنساني يؤدي إلى تحقيق السعادة، أم إلى الابتعاد عنها؟
"ج.ج. روسو" أدى الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة المجتمع، فقدان الإنسان سعادته وتحول البحث عنها إلى شقاء دائم.
"هيوم" تتحقق السعادة من خلال تنمية الدوق والسمو بمشاعر الإنسان وعواطفه والاهتمام بالمتعة الجمالية مع ظهور الفنون الجميلة وتطورها.
السعادة والواجب:
هل القيام بالواجب يساهم في تحقيق السعادة أم يعيق الوصول إليها؟
"راسل" لا تتجلى السعادة إلا ضمن العلاقات الاجتماعية التي تجعل الذات تهتم بالغير وتتعاطف معه، وينبغي استشعار الواجب في التعامل مع الآخرين.
"الان" السعادة واجب على الإنسان تجاه ذاته وهي غاية يمكن بلوغها، وهي كذلك واجب نحو الغير بإسعاده وإبعاد كل أشكال القلق والاستياء والشقاء والملل...
الحرية
يدل مفهوم الحرية في معناه الفلسفي على قدرة الفرد اختيار غاياته و السلوك وفق إرادته الخاصة، دون تدخل عوامل توثر في تلك الإرادة، إن الحرية بهذا المعنى تقتصر على الإنسان وحده، غير أن هذه الحرية التي تضع الإنسان فوق باقي الكائنات الطبيعية تبدو متعارضة مع مبدأ الحتمية الذي تخضع له كل واقعة
"لايبنتز" يعد لفظ الحرية صعب التحديد إذ يتداخل فيه الجانب النظري مع الجانب العملي و لذلك يصبح مفهوما غامضا و ملتبسا، إذ نجد حالات يُنظر عادة إليها بأنها تناقض الحرية و مع دلك نجد الإنسان حراً في ظلها و بالمقابل نجد حالات يعتقد أنها تعبر عن الحرية ورغم ذلك لا تخلو من إكراه، و قد تكون عوائق الحرية طبيعية كما قد تكون اجتماعية.
الحرية و الحتمية:
هل الإنسان مخير أم مسير؟ هل حرية الإنسان مطلقة أم نسبية؟
"ابن رشد" الفعل الإنساني يتصف بحرية جزئية مصدرها القدرة التي يتمتع بها على القيام بأفعاله، لكن هناك عوامل تحد من حرية الإنسان و تتمثل في النظام الذي تخضع له الطبيعة.
"موريس ميرلوبونتي" لا يتمتع المرء بحرية مطلقة ولا يخضع بشكل كلي للضرورة، فكل إعلان لحرية مطلقة هو مجرد وهم، وكل نفي التام للحرية يظل كذلك خاطئ.
حرية الإرادة:
ما هو المجال الذي تكون فيه إرادة الإنسان حرة؟ هل تكون إرادة الإنسان حرة في المجال المعرفي أم في المجال الأخلاقي؟
'إم. كانط" كل كائن عاقل هو كائن يتمتع بحرية الإرادة والقدرة على القيام بالفعل الأخلاقي، ولا معنى للفعل الأخلاقي في غياب الحرية والارادة.
"نيتشه" إن الإرادة الحقيقية تتمثل هي إرادة الحياة و تنبني على تلبية الرغبات و الشهوات الغريزية و إعادة الاعتبار للجانب الجسدي في الإنسان.
الحرية والقانون:
هل يعتبر القانون مساعدا على تحقيق الحرية أم عائقا أمام وجودها؟ هل هناك وجود لحرية في غياب قانون يدافع عنها؟
"مونتيسكيو"ليست الحرية هي القيام بكل ما يريده الإنسان، بل الحرية هي القيام بما تسمح به القوانين، فالقانون لا يعارض الحرية بل ينظمها.
"حنا أرندت"السياسة و الحياة الاجتماعية هي مجال ممارسة الحرية الفعلية، و في غياب تنظيم سياسي لا يمكن الحديث عن حضور للحرية.