الاعتماد على الجماعة بدل العمالة والإقليم في نظام التعويضات عن المناطق
أعلن وزير تحديث القطاعات العامة محمد سعد العلمي أن الوزارة بصدد الإعداد لوضع منظومة حديثة للأجور تتجاوز الاختلالات التي تعتري المنظومة الحالية وتأخذ بعين الاعتبار عنصري الوظيفة والمردودية تعزيزا لقيم الإنصاف والشفافية، وتقوم الوزارة بالموازاة مع هذا الإصلاح الهيكلي للأجور بمراجعة التقطيع الترابي للمناطق لأجل تحديد معايير موضوعية لمنح التعويض عن الإقامة، والذي من المقرر أن يتم توسيعه والاعتماد فيه على الجماعة بدل العمالة والإقليم المعمول بهما في التقطيع الحالي.وأوضح سعد العلمي خلال افتتاحه أشغال المناظرة الدولية حول موضوع «تطوير الموارد البشرية بالإدارات العمومية» المنظمة في إطار تخليد اليوم الأممي للوظيفة العمومية، أن الحكومة كلفت مكتبا دوليا مختصا لإنجاز دراسة شاملة حول الإصلاح الهيكلي لمنظومة الأجور تفضي إلى اقتراح منظومة جديدة للأجور محفزة ومنصفة، على أن يقوم ذات المكتب بعد الانتهاء من المرحلتين الأولى والثانية للدراسة، بإجراء دراسة ثالثة تهم الإصلاح البنيوي للأجور الذي لن يركز فقط على الدرجة أو السلم بل على أساس مفهوم الوظيفة بناء على الأعباء والجهود المبذولة والمسؤولية والمخاطر المحتملة وشروط العمل.وأضاف أنه بالموازاة مع الإصلاح الهيكلي للأجور تتم حاليا مراجعة التقطيع الترابي للمناطق لأجل تحديد معايير موضوعية لمنح التعويض عن الإقامة، على اعتبار أن المنظومة الحالية لم تعد فعالة وأصبح ضروريا التعجيل بإصلاحها، قائلا «إذا كانت المنظومة الحالية قد أدت إلى حد ما عند إقرارها الهدف المتوخى منها والمتمثل في التشجيع على القبول بالتعيين في المنطقتين (أ) و(ب)، فإنها مع توالي السنين أصبحت بدون فعالية بعد تضاؤل الراتب الأساسي كمكون رئيسي للأجرة».
«لذا أصبح من الضروري التعجيل بإصلاح هذه المنظومة لتسترجع دورها في تحفيز الموظفين على القبول في مختلف المناطق وذلك من خلال إعطاء منطق وظيفي لذلك التعويض وتوسيع تقطيع المناطق من ثلاث إلى خمس مناطق على أساس اعتماد الجماعة بدل العمالة والإقليم في تقنين المناطق وترتيبها»، يقول المسؤول الحكومي.
هذا واختار وزير تحديث القطاعات العامة هذه المناسبة للإعلان أيضا بأن الوزارة بصدد وضع الصيغة النهائية لمشروع نظام أساسي جديد للوظيفة العمومية، إذ أكد أنه اعتبارا للدور المحوري والفاعل لقطاع الوظيفة العمومية في توطيد سبل وتدعيم التدبير الجيد من خلال إدارة فاعلة وناجعة في خدمة التنمية، فإنه بات من الضروري إعادة النظر بشكل جذري في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الصادر منذ أكثر من خمسين سنة والذي لم يعد يساير التطورات التي يعرفها محيط الإدارة كما لم يعد يستجب لمتطلبات ورهانات التدبير الحديث للموارد البشرية.
وأشار إلى أن المشروع الجديد للوظيفة العمومية سيكون شاملا ومتكاملا، يأخذ بعين الاعتبار كافة المواضيع المستجدة في مجال تدبير الموارد البشرية، بدءا من اعتماد مقاربة الوظائف والكفاءات، ووضع منظومة ناجعة لتقييم الأداء، وتكريس الحقوق والواجبات، وضمان الاستحقاق وتكافؤ الفرص، وتبني التدبير اللاممركز للموارد البشرية وتشجيع الحركية والانفتاح على باقي المرافق العمومية وتأطير القواعد المتعلقة بالأجور والتعويضات وغيرها من القضايا التي تحتاج إلى تحديث أو ملاءمة.
وعلى مستوى آخر تم اعتماد مقاربة الوظائف والكفاءات من خلال انخراط كل الوزارات في إعداد دلائلها المرجعية للوظائف والكفاءات باعتبارها آلية ضرورية للملاءمة بين المنصب ومؤهلات الموظف الذي يشغله، ابتداء من ولوجه الوظيفة وعلى امتداد كامل مساره المهني وذلك من أجل الانتقال من تدبير يرتكز على الإطار أو الدرجة إلى تدبير يقوم على الوظيفة والكفاءة ويعتمد الدلائل المرجعية التي تعد أداة للتدبير التوقعي للموارد البشرية من خلال الاستعمال الأنجع للأعداد المتاحة من الموظفين عبر توصيف دقيق لمضمون الوظائف والمهام المكتسبة.
هذا وأشار المسؤول الحكومي إلى اللحظة التاريخية الوطنية بالغة الأهمية والتي يقبل المغرب فيها على الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد الذي سيتنقل بالمغرب إلى عهد جديد وذلك بما يكرسه من تحول ديمقراطي واسع، ونقلة نوعية متقدمة ترسخ قواعد بناء الدولة الديمقراطية الحديثة.
وأشاد في هذا الصدد بمختلف الأهداف والمبادئ والمقتضيات التي تضمنها مشروع الدستور الجديد والتي تخص تقوية مجال الحكامة وتخليق الحياة العامة وإحداث منظومة مؤسسية وطنية منسجمة ومتناسقة في هذا الشأن والتي تندرج ضمن اهتمامات وزارة تحديث القطاعات العامة، مبرزا أن الوثيقة الدستورية نصت على قاعدة تلازم ممارسة المسؤوليات والوظائف العمومية بالمحاسبة وعلى منع تضارب المصالح ومعاقبة كل أشكال الانحراف في تدبير الموارد العمومية وتجريم الشطط في استغلال مواقع النفوذ وكل أشكال الفساد.
وأعلن بهذا الخصوص أن وزارة تحديث القطاعات العامة ستسعى إلى مضاعفة الجهود وتضافرها من أجل ضمان الانخراط الواسع في هذا الورش الإصلاحي الكبير بما يقتضيه من أولية في برامج الوزارة من خلال تفعيل الالتزامات بترسيخ الشفافية والنزاهة وتقوية المساءلة والحاسبة وفق مقاربة شمولية تستهدف إقرار كل الآليات وتطبيق جميع التدابير الكفيلة بتعزيز الشفافية والنزاهة ومحاربة الرشوة.
وكان سعد العلمي، قد ذكر في بداية تدخله بالمجهود الذي يتم القيام به من أجل الارتقاء بالوضعية الإدارية للموظفين، وأشار إلى الإنجازات التي همت تطوير الإطار القانوني للوظيفة العمومية، وكذا مأسسة مقاربة النوع، فضلا عن اعتماد الاستراتيجية الوطنية للتكوين المستمر.