مبارك حنون: آن الآوان لإعادة النظر في السياسة التدبيرية للموارد البشرية بالمنطقة
مدير الأكاديمية بجهة سوس قال إن الأكاديمية خصصت اعتمادات هامة للصحة المدرسية خلال الدخول المدرسي الحالي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
- اطلعتم، من خلال تحملكم مسؤولية إدارة الأكاديمية، على صعوبات هذه الجهة، فما هي؟
> تأكدت لي جملة أشياء تشكل ملامح المنظومة التربوية ومستوى تطورها ووقعها على المجتمع ومدى مساهمتها في تطوير منظومة النسيج المجتمعي وتأطيره. مثلما وقفت على الفرص المتاحة بهذه الجهة، وكذا الصعوبات والإكراهات التي ترسم جملة التحديات التي على الأكاديمية رفعها والتي نجملها في ما يلي:
شساعة الجهة، وهو ما لا ييسر التأطير عن قرب والاطمئنان على سير القطاع ونجاعة الاختيارات الجهوية الجديدة ومراجعة الاختيارات السابقة التي أرسيت في عهد التدبير المركزي؛
صعوبة التضاريس والمسالك وتشتت الساكنة وبالتالي تشتت المؤسسات وصعوبة تأطيرها ومراقبتها؛ وتفتيت مجهود الدولة من خلال فهم سطحي لتقريب المدرسة من المواطنين؛
عجز في بنيات الاستقبال وقصور في صيانتها وتمكينها من وسائل العمل؛ وهو ما أتاح فرصة سلاسة الهدر والانقطاع والنفور من المدرسة باعتبارها لا تشكل بديلا عن البيت؛
الخصاص في الموارد البشرية وميل عدد كبير منها إلى مغادرة الجهة، وهي خاصية تنعكس سلبا على عمل الأكاديمية ومجهوداتها وعلى الجودة المتوخى إرساؤها؛
انتشار الفقر وانعكاسه السلبي على الالتحاق بالمدرسة ومواصلة الدراسة، وهو ما يدعو إلى تعزيز ثقافة التضامن وتنمية آلياته وتنظيم عمل المجتمع المدني.
سيادة ثقافة وقيم تأمين الفتاة وتحصينها من سلبيات الخروج من البيت وبالتالي الاحتياط من أن يكون تمدرسها عاملا سلبيا على النسيج الأسري والمجتمعي والقيمي. وهو ما يستوجب أخذ المعطى بعين الاعتبار والبحث عن حلول تشاركية وتفاوضية تؤمن تمدرس الفتاة ومواصلتها للدراسة.
هذه جملة من الصعوبات. لكنها أيضا حوافز للإبداع والتجديد والابتكار والمبادرة لإيجاد حلول وتطوير أفكار وتنمية مقترحات ملائمة للبنيات الجغرافية والمناخية والثقافية والاجتماعية.
- ما هي الملامح الكبرى للبرنامج الاستعجالي الجهوي في شقه المتصل ببنيات الاستقبال والدعم الاجتماعي؟
> البرنامج الاستعجالي برنامج وطني في جوهره اتخذ عندنا لبوسا جهويا، حيث تكيف مع واقع المنظومة ومع طموحاتها وخصوصياتها ومبادراتها بهذه الجهة. وقد اشتغلت فرق ضمت أطرا متنوعة الكفاءات والخبرات لكنها تشترك في كونها تتقاسم ثقافة المشروع وتتمثلها، وفي كونها رسملت إيجابيات المتعاونين الدوليين المتعددين الذين توافدوا ويتوافدون على هذه الجهة.
ومن الطبيعي ألا تنطلق هذه الأوراش انطلاقة جيدة ما لم توضع لها آليات تنظيمية وتأطيرية، وهو ما تم بتوسيع دائرة وروح المسؤولية وبالتالي تنمية الحكامة وتوسيع أركانها بإحداث آليات البرنامج الاستعجالي الجهوية والإقليمية والمحلية وترسيخ ثقافة المشروع والتدبير الموجه بالنتائج. وعلاوة على ذلك، اتخذت جهتنا تدابير ترمي إلى تحفيز الموارد البشرية وتنمية قدراتها وانخراطها وإرساء ثقافة إيجابية تنتظم سلوكها وأفكارها وتتخذ من التعبئة والاتصال سبيلا لشحذ الهمم وزرع ثقافة الأمل المقرونة بالعمل. ولأن المدرسة شأن عمومي ومجتمعي يتطلب مساهمة الجميع وتقاسم الأعباء، فقد انتهجنا طريق تنمية الشراكات الإستراتيجية التي من شأنها أن تقلص من حجم الصعوبات وتخلق لنا فرصا مواتية لتدارك الفوات التربوي. ومن الطبيعي أن نولي للحكامة التربوية أهمية خاصة لأن المدخل الأساس لهذا الإصلاح هو خلق القيادات الجهوية والإقليمية والمحلية المؤمنة بالتغيير والضامنة للسير به نحو النجاح وذات المصداقية والمعبئة لكل الطاقات والإمكانات والحاضرة بقوة في الميدان والحريصة على بلوغ النتائج واحترام التزاماتها أمام المجتمع.
لقد أجاب البرنامج الاستعجالي عن الإشكاليات الكبرى للمنظومة. فقد استدعى مجال توسيع العرض التربوي وإلزامية التمدرس برمجة تعزيز بنيات الاستقبال التي شملت الإحداثات والتوسيعات. وفي موضوع الإحداثات تمكنت الأكاديمية بداية هذا الموسم من إحداث 23 مؤسسة تعليمية جديدة وبناء 230 حجرة دراسية وتوسيع 48 أخرى، بالإضافة إلى مساهمة الشركاء. أما في ما يخص التوسيعات، فقد همت العملية 68 مؤسسة تعليمية بالجهة. كما تم توسيع 53 مؤسسة تربوية إعدادية، فيما تم توسيع 40 أخرى بالتعليم الثانوي التأهيلي. وقد عرف موضوع الرفع من جاذبية المؤسسات، لما له من وقع على مستوى محاربة الهدر وتعبئة المتعلمين للإقبال على التمدرس وتحسين جودته، تأهيل 399 ابتدائية و56 إعدادية و34 تأهيلية و44 داخلية. والغاية بطبيعة الحال تكمن في تمكين أقاليم الجهة من بنيات جذابة وكافية لاستقبال تلاميذ وتلميذات من المتوقع أن يعرف عددهم تطورا ملحوظا، إذ ننتظر أن يبلغ عدد تلاميذ التعليم الابتدائي بجهة سوس ماسة درعة الذين سيلتحقون لأول مرة بالفصول الدراسية ما مجموعه 59 ألفا و873 تلميذا وتلميذة. فيما سيصل مجموع تلاميذ التعليم الثانوي الإعدادي إلى 162 ألفا و50 تلميذا منهم 56 ألفا و653 سيلتحقون لأول مرة بالسنة الأولى إعدادي. أما بالنسبة إلى التعليم الثانوي التأهيلي فيصل مجموع التلاميذ المتمدرسين والمتمدرسات به إلى نحو 86 ألفا و940.
ومن الإشكاليات المجتمعية الكبرى التي تؤثر سلبا على التمدرس المعيقات السوسيو اقتصادية. وفي سياق التخفيف من هذا العبء حظي الدعم الاجتماعي بتوسيع وتنويع مجالاته والرفع من الاعتمادات المخولة له. هكذا، انتقل عدد المستفيدين من الإطعام المدرسي إلى 147 ألفا و912 تلميذا تلميذة. ووصل مجموع المنح خلال الموسم الدراسي الجديد إلى 3 آلاف و891. ومن جهة أخرى، ارتفع حجم الاعتمادات المالية المرصودة للداخليات، بالنسبة للابتدائي والإعدادي، بنسبة 24.90 في المائة. كما ارتفعت النسبة في الثانوي التأهيلي إلى 56.77 في المائة. وبالنسبة إلى الزي الموحد، تم رصد اعتماد مالي يبلغ 10 ملايين و971 ألف درهم لشراء 30 في المائة من اللباس المدرسي الموحد في الوسط القروي، كما باشرت الأكاديمية في الاتجاه نفسه شراء 1052 دراجة هوائية لنقل التلاميذ والتلميذات في الوسط القروي من وإلى مؤسساتهم التربوية. وكذا اكتراء 41 حافلة للنقل المدرسي.
كما خصصت الأكاديمية برسم الموسم الدراسي الجديد اعتمادات هامة للصحة المدرسية والسلامة الإنسانية، وهو ما سيمكننا من تجهيز عدد من المؤسسات بالوسائل الوقائية وبوسائل الوقاية من داء أنفلونزا الخنازير لا قدر الله.
- وماذا عن جديد الفعل البيداغوجي؟
> خص البرنامج الاستعجالي المكون البيداغوجي والتعلمات مما يلزم من عناية شديدة، في أفق تجديد العرض البيداغوجي وتنميته وتصحيح وضعياته بما يرفع من مستوى التعلمات ويمكن المتعلمين من شروط التأهيل وتنمية الكفاءات والقدرات لشق سبيل النجاح المدرسي والتربوي والنجاح في الحياة. وفي هذا السياق، تبنت الوزارة وأكاديمياتها مخططا يرمي إلى التأهيل البيداغوجي والديداكتيكي. ويشمل هذا المخطط الأسلاك الثلاثة. س : ما هي التدابير التي اتخذتها أكاديميتكم للتحكم في الخصاص الملحوظ في الموارد البشرية؟
تعرف هذه الجهة خصاصا بنيويا لا نعتقد أن المجهود المبذول من قبل الوزارة قادر على سده اليوم. وهو خصاص تزيد من حدته الشروط التي يشتغل فيها الأساتذة بأقاليم تعرف الصعوبات التي أشرت إليها في جوابي عن سؤالكم الأول. وربما آن الأوان لمعاودة النظر في السياسة التدبيرية للموارد البشرية. إذ لم يعد مقبولا أن يتم تدبيرها مركزيا لأن ذلك يربك التدبير الجهوي. صحيح أن الأمر يتطلب الحفاظ على توازنات وتقاليد ترسخت بين الإدارة المركزية والشركاء النقابيين. لكن الأمر يصدق أيضا على الجهات والأقاليم. وهو ما يدعو إلى تمكين كل أكاديمية من مناصبها المالية ومن التوظيف المباشر، حسب حاجاتها. لكن ذلك أيضا لا يعني أن الأكاديميات قد تمكنت من التحكم في التدبير الرشيد للموارد البشرية. فما يزال القطاع يعرف أمراضا وممارسات لا تيسر إرساء حكامة جيدة على هذا المستوى. وفي كل الأحوال، قد ينفع التحليل، وقد يفيدنا الوقوف على الخصوصيات. لكن الجوهري يكمن في البحث عن حلول نهائية تسمح للدخول المدرسي بأن يتم في أجل واحد بالنسبة إلى كل المؤسسات وكل التلاميذ والأساتذة. وفضلا عن التدبير الرشيد الذي يتطلب ميثاقا بين الشركاء في تدبير هذا الملف وبين مكونات الإدارة أيضا، فإن الأمر يتطلب التسريع بالتوظيف بالتعاقد والتوظيف المؤقت في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وفي إطار برامج التربية غير النظامية ومحو الأمية، ووضع موظفين فائضين من حملة الشهادات العاملين بالجماعات رهن إشارة الأكاديمية.. ومن الطبيعي أن يولي البرنامج الاستعجالي للموارد البشرية الاهتمام المطلوب سدا للخصاص وعلاجا لعدد من الأمراض التي يعرفها القطاع. وفي هذا السياق، خولت الوزارة للجهة ما يساعد على سد عجزها البنيوي، إذ بلغ مجموع ما خول لها من أساتذة الابتدائي 356 ومن الإعدادي 401 ومن التأهيلي 610 أستاذا وأستاذة.
المساء