رسالة مستعجلة إلى السيدة كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي
رسالة مستعجلة
إلى السيدة كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي:
الإعلام والمساعدة على التوجيه والأفق المظلم
من طرف: رشيد بلمقدم/مستشار في التوجيه التربوي
سيدتي الكريمة:
بعد التحية والسلام، أخاطبك باعتباري مواطنا مغربيا غيورا على بلده، وعلى المنظومة التربوية التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة، وذلك انطلاقا من تقارير وطنية ودولية، وصولا إلى صياغة المخطط الاستعجالي بغية النهوض بهذه المنظومة، وتفادي الانزلاقات والاختلالات التي لحقتها. وأخاطبك بصفتي مستشارا في التوجيه التربوي، وبصفتك مواطنة مغربية غيورة على مصلحة البلاد، ومسئولة عن التعليم المدرسي.
إن الخطوة الأولى التي ينبغي اتخاذها لإصلاح التعليم تكمن في الاهتمام بالموارد البشرية والعناية بها، إلا أن واقع حال أطر التوجيه والتخطيط التربوي يكشف بالملموس غياب أي إجراءات وتدابير في هذا الاتجاه؛ فخمس سنوات من المطالبة بما تم الإجهاز عليه في النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية لسنة 1985، لم تجد الآذان الصاغية؛ فتغيير الإطار إلى مفتش بمجرد الترقي إلى السلم 11 تبخر ضدا على القوانين الجاري بها العمل، وبخاصة عدم رجعية القوانين، كما أن مطلب الترقية الاستثنائية لفائدة من استوفوا شروط الترقي تم تذويبه في الحوار الاجتماعي، واختزاله في رسالة موجهة إلى الوزير الأول. والأنكى من ذلك أن مرسوما صدر يعطي الحق للناجحين في الامتحانات المهنية لسنوات 2003 و2004 و2005 في تغيير الإطار إلى مفتش، تم تجاهله والدوس عليه.
سيدتي الكريمة:
ما كدنا نستفيق من هول الصدمة التي أحدثها الإجهاز على مكاسب أطر التوجيه والتخطيط التربوي، حتى بلغتنا أصداء عن مذكرة تتعلق بمهام الإعلام والمساعدة على التوجيه، تنتظر التوقيع من لدنكم. هذه المذكرة، وفق ما رشح من معطيات ومعلومات، ستغتال المذكرة 91 التي انبثقت عن مناظرة وطنية حول الاستشارة والتوجيه سنة 2005، والتي بمقتضاها أصبحنا نتحدث عن مقاربة الاستشارة والتوجيه بدل مقاربة الإعلام والتوجيه؛ أي أن عملية التوجيه أضحت شأنا تربويا ينخرط فيه مجموعة من الأطراف والفاعلين انطلاقا من التلميذ، ومرورا بأطر التوجيه والأساتذة والآباء وغيرهم، رجوعا إلى التلميذ.
فإذا كانت المذكرة 91 عصارة لمجهود جماعي، فإن المذكرة الجديدة هي بمثابة قرار انفرادي من الوزارة تم تغييب المعنيين بالأمر أثناء صياغته، كما تم الرجوع فيه إلى التوجيه الداخلي الذي نصت عليه المذكرة 56 المشئومة، والتي ألغيت بالمذكرة 91 إثر المشاكل التي أحدثتها على المستوى العلائقي بين الفاعلين التربويين، وعلى مستوى الأداء حيث إنها جعلت المستشار في التوجيه حبيس الجدران بعيدا عن الوسط والمحيط، مما يتنافى مع ما هو معمول به في سائر بلدان العالم.
سيدتي الكريمة:
إن رسالتي هاته ليست رسالة استعطاف بقدر ما هي صيحة في وجه من يريدون تضييق الخناق على المستشار في التوجيه بالعودة إلى صيغ متجاوزة ومتهافتة في ممارسة عملية التوجيه والإعلام، لا تخدم المشروع الشخصي للتلميذ، ولا تساير النظريات والمفاهيم المتجددة المتعلقة بالمقاربات النفسية والتربوية التي تصب في مصلحة المتعلم.
وبناء عليه، فإنني أناشدك، سيدتي الكريمة، ألا توقعي على مذكرة قد يكون مآلها هو مآل المذكرة 122 المتعلقة بتدبير الزمن المدرسي. كما أتمنى أن تحظى رسالتي هاته بالعناية اللازمة التي تفرضها غيرتك على المنظومة التربوية، من أجل استدراك الخلل العميق الذي قد تحدثه المذكرة الجديدة في جانب مهم من جوانب هذه المنظومة، ألا وهو التوجيه والتربوي.
في الأخير، تقبلي فائق الاحترام والتقدير.
والسلام
رشيد بلمقدم/مستشار في التوجيه التربوي
وجدة سيتي