المحيط الخارجي للمؤسسة التعليمية 'خطر' يهدد سلامة المتعلمين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يرى مهتمون بالشأن التربوي، أن حدود مسؤولية المؤسسة التعليمية في تربية وتهذيب التلاميذ، "غير محدودة بجدرانها وفضاءاتها الداخلية، بل يبقى حضورها في المحيط الخارجي، حيث الشارع والمنزل ضرورة حتمية لجعل التلاميذ في منأى عن أي تقلبات طارئة، قد تعصف بمستقبلهم، وتتركهم في غياهب المجهول". وأبرزوا في حديثهم إلى "المغربية" أن المدرسة عبر آلياتها الإدارية والتربوية "يمكن أن تقترب من التلميذ، وهو بين أفراد أسرته وتراقبه، وهو يواجه مغريات الشارع والمحيط الخارجي للمؤسسة، الذي يسمح بتفشي ظواهر شتى، كان آخرها ظاهرة بيع المخدرات واستدرار الفتيات"، وهذا ما اعتبرته مصادرنا "نتيجة طبيعية لغياب نظرة متبصرة لدى المسؤولين تضع الفضاءات المحيطة بالمدرسة ضمن صلب الاهتمام بالمدرسة المغربية"، مؤكدين على أن التلميذ عندما نترك هذه الأماكن دون حراس أمن ولا مراقبة، خصوصا بعد غروب الشمس، فإننا نشجع على جعل المكان مرتعا للصوص وقطاع الطرق".
ففي استطلاع لآراء مجموعة من الآباء في الموضوع، تبين أن هناك تخوفا عن مصير أبنائهم، فقد أصبحت المدرسة مصدر تخوف بحكم معاشرة أبنائهم لأصدقاء تختلف بيئة تكوينهم وتنشئتهم، فرغم حرص الآباء على تلقين السلوك الحسن، ومحاولة إقناع أبنائهم بنصائح وتعليمات بمثابة الحصانة والمناعة لهم، إلا أن التخوف لا يمكن أن يتبدد في اعتقادهم، خصوصا إذا علمنا – على حد تعبيرهم – أن أمام أبواب بعض المؤسسات يجتمع شباب، إما أنه انقطع عن الدراسة أو أن له تربية سيئة، وهذه هي الفئة التي تشكل الخطورة الكبيرة على التلاميذ، ويساعد على ذلك غياب تدابير إجرائية من قبل الوزارة الوصية لحماية التلميذ من صنوف الانحرافات، التي تترصد له خارج المؤسسة، فعلاقة مسؤولي التعليم بالتلاميذ تنحصر داخل أسوار المؤسسة، ولا تتعداها إلى الخارج.
هذا ما أكده سعيد العروسي، رئيس جمعية أمهات وآباء وأولياء التلاميذ إحدى المؤسسات التعليمية الابتدائي، وشدد على ضرورة "إيلاء الجهات الوصية أهمية قصوى بالجوانب والممرات المؤدية إلى المدرسة وجعلها تفتح شهية التلميذ ليكشف أغوارها، فالحالة التي توجد عليها الفضاءات المحيطة بالمدرسة، حيث الباعة المتجولون يستغلون براءة التلاميذ وأعمارهم إلى بيع السموم والأمراض بالجملة"، وأضاف محدثنا أنه عندما "تتضرر صحة التلميذ، فطبيعيا يكون جسده وتفكيره لا يقوى على التركيز والانتباه".
هذا ما ذهبت إليه الأستاذة سعيدة الراقي، بقولها "إن التلميذ عندما تتاح له فرص أكل السقاط والحلويات وغيرها من الأغراض التي تباع أمام المدرسة، فإن شهيته تكون منعدمة، ويؤثر ذلك على نفسيته"، وناشدت هذه السيدة الجهات الوصية على "منع الباعة المتجولين من استغلال المدارس لبيع موادهم للتلاميذ"، كما أبرزت المتحدثة، في السياق ذاته، أنه على من "يمتلكون ذرة إحساس بالمسؤولية وهم أيضا لهم أبناء في سن التمدرس أن ينتبهوا إلى عملية منح التراخيص لإقامة مقاه ومقاهي الإنترنت على مقربة من المدارس، فإن في ذلك نوع من الاستيلاب والتأثير السلبي على السلوك التربوي لتلميذ أريد له أن يعيش على إيقاع التمدرس والجد والاجتهاد، حتى إذا ما خرج من المدرسة في الوقت المحدد، يكون اتجاهه وحيدا إلى منزل أسرته بدل التيهان".
وهذا ما اعتبره أحد محدثينا من أسرة التعليم، الذي فضل عدم ذكر اسمه، "رسالة يجب أن تأخذها البرنامج الاستعجالي بعين الاعتبار،لكون إصلاح المنظومة التربوية، كل لا يتجزأ، وأي إخلال بأحد عناصرها، لا يمكن الرسالة من الوصول إلى مبتغاها، وتعطي ما ينتظر منها من أهداف ومرام، فتفعيل وتطوير المناهج في منأى عن الاهتمام والارتقاء بالعنصر البشري والفضاء المحيط به، كمن يصب الماء في الرمل، أو ينفخ في قربة مخرومة.
من جهته أكد خالد زكراوي، أستاذ، ضرورة أن ينكب المسؤولون على "وضع مقاربة طبوغرافية جمالية للمدارس قصد تحديد منافدها والطرق المؤدية إليها من أجل استتباب الشروط الضرورية المواتية للتلاميذ، وجعلهم يقبلون على المدرسة بكل اشتياق"، ودعا المتحدث جمعيات دعم مدرسة النجاح أن تعطي في سياق وضع مشاريع مؤسساتها، لهذا المحور "ما يستحق من اهتمام من أجل تلطيف أجواء التمدرس، وتنكب على معالجة مشاكل القرب من التلميذ ومدرسته، التي تبقى الفضاءات المحيطة بالمؤسسات، إحدى البؤر الرئيسية التي تشكل خطرا على التلميذ، وحتى رجل التعليم وتهدد سلامتهما وصحتهما البدنية".
04.01.2010 المغربية