التوجيه مختبر خلق فرص الشغل
يرى أساتذة باحثون أن الأهداف والمرامي نقط ارتكاز لجعل المجهود المبذول والتدابير المتخذة في شتى المجالات لها دورها وقيمتها المعنوية والمادية، واعتبروا هذه الفلسفة في مدلولها، هي العنوان الذي يجب أن يعلو كل ما نقوم به من أجل إصلاح المنظومة التربوية، وجعلها ذات مدلول.
أن الأهداف أو المرامي تبقى هي الرقم الصحيح الذي يساوي مجهود البرنامج الاستعجالي بكل إجراءاته، باعتبار أن أي عمل لا يستقيم دون أن يجيب عن الأسئلة العالقة بشكل صريح، من خلال بلورة تصورات وأفكار ناجعة ومثمرة وإيجابية.
من هنا يعتبر العديد من المهتمين بقضايا التربية والتكوين أن التوجيه التربوي أحد هذه الأنزيمات التي تجعل من التعليم منتجا لفرص الشغل والكفاءات، لكن هل واقع هذا التوجيه يتساءل محدثونا، يسير نحو المأمول في وضعية منهجنا التعليمي؟ الجواب بالطبع سلبي، تؤكد المصادر ذاتها، لكون التوجيه بؤرة ملغومة في الإصلاح، إذ أن عدم إدراجه ضمن الأولويات قد يؤدي إلى إسقاط البرنامج الاستعجالي في نواقص عدة، بالنظر إلى دوره المحوري في الربط الوثيق والصحيح بين التعليم أو التكوين والتشغيل، مؤكدين أنه في ظل انعدام هذا التلاقي فحتما لن يستطيع البرنامج مهما طرح من إجراءات أن يجعل لذلك مسك الختام.
فعندما نتحدث عن التوجيه، يقول العربي ناجي، مستشار في التوجيه، فإن مقاربته الأفقية تعني توعية وتنبيه ووضع التلميذ على بينة مما ينتظره إذا ما سلك أحد المسالك، وبالتالي فحضور التواصل مع التلميذ في مرحلته العمرية الدراسية التوجيهية هذه، يمكن أن تنقده من إسقاطات وهزات لا طائل له منها، وجعله مدركا لمستقبله، يمتلك المناعة اللازمة لسبر أغوار ما هو آت.
ويرى، بهذا الخصوص، العديد من المربين أن التوجيه إشكالية قائمة الذات تتداخل فيها عوامل سيكولوجية وسوسيو اقتصادية وتربوية، ذلك لأن التوجيه هو إرادة سياسية ترتبط بالاستراتيجيات الاقتصادية والتنموية المعمول بها، التي تتوخى من أداء التعليم أن يكون محددا في الأهداف التي تسعى إليها.
ومن جهة أخرى، اعتبر أحمد بركاوي، إطار تربوي، أن التوجيه هو ضحية أيضا لسوء تقدير البعض لأهميته، ويمكن إجمالها حسب المتحدث في صبغته الثانوية وقلة الموارد المخصصة له، ما يجعل العديد من المؤسسات التعليمية غير معبأة، وهو ما يفرض، يؤكد المتحدث ذاته، تفعيل دور الموجهين وتسليحهم باستراتيجيات ومخططات وطنية بليغة في دلالاتها.
وتساءل بركاوي في سياق آخر عما ننتظر من توجيه لا يعتمد على نسق قانوني مضبوط؟ يتماشى مع خارطة طريق تحمل التوجهات الكبرى للدولة، فعندما ينعدم هذا المعنى تختل المعادلة ويصبح الطلب والعرض يمشيان على خطوط معكوسة.
من جهة ثانية، اعتبرت نادية متوكل، باحثة في علوم التربية، أن الأزمة ذاتها ترتبط بغياب سياسة تعليمية واضحة في مداها الطويل، تعتمد على آليات ناجعة في التفعيل، وأكدت أن التوجيه لا يجب أن يكون شأنا تعليميا مرتبطا بالوزارة الوصية، إنما هو هم يجب أن يتشارك فيه جميع المتدخلين من وزارات التجهيز، التي يجب أن توفر المعاهد والمراكز والمسالك كبنيات تحتية، يستثمر فيها قطاع التشغيل برامجه وموارده، الشيء نفسه بالنسبة للوزارات الأخرى، التي تشترك في كونها حقلا قابلا للحرث والزرع من أجل إعطاء نظام التوجيه والإعلام الذي طرحه البرنامج لاستعجالي مدعما ومساندا بنوايا حسنة وبأفعال تشاركية تساهم فيها المؤسسات التربوية والقطاع الخاص والقطاعات الوزارية، وأن يخصص لهذا الإجراء سقف زمني مضبوط مسلحا بالوطنية الصادقة والمواطنة الإيجابية.
عبد المجيد صراط