أزمة نقابية بمراكش متعددة الوجوه – 3
في ضوء الأحداث التي يعيشها الشأن التربوي - بأكاديمية جهة تانسيفت الحوز- والمتجلية في التصدعات والتعثرات على مستوى مؤسسات التعليم الابتدائي، الإعدادي وكذا التأهيلي، يمكننا أن نفهم العبارات الهامة ؟؟ التي يتم إسقاطها كلما برز مسؤول عن هذا الشأن ليدلو بدلوه.حينها تأكد أن العمل المأمول والذي يكون مقرونا بالفعل،
لم يعد يمر عبر اللفظية المتعالية ولكنه يمر عبر العمل العقلاني... ولكن القضية التي أود أن أؤكدها، والتي يختلف فيها رأي عن كثير من الآراء الشائعة في هذه الأيام، هي أن سقوط بعض النواب في أكاديمية جهة تانسيفت الحوز لم يكن راجعا إلى أن البعض منهم أخل بواجبه، لأن الإخلال بالواجب متحقق في جميع نيابات الجهة تحت أعين المسؤول الأول السابق عن الشأن التربوي بهذه الجهة، والذي تمت، بالمناسبة، ترقيته وتزكيته لتدبير الشأن التربوي بإحدى جهات المملكة؟؟. ففي اعتقادي أن من الخطأ الشديد تثبيت مجموعة من السمات أو مبادئ السلوك وتأكيد أنها هي التي تشكل "الرأي الصائب"؛ لأن جوهر هذا الأخير هو الضامن لدولة الحق والقانون كلما تم الحرص على حضوره؛ ولأن الدرس البليغ الذي نستخلصه من تلك التقلبات الحادة التي مرت بها أكاديمية الجهة ، في طريقة تنظيم حياتها وعلاقاتها مع الآخرين، والطريقة التي نتعامل بها مع كل من تلاعب بالشأن العام هو أن الكلام عن تكافؤ الفرص أو التشبث بأشخاص دون غيرهم دون تمحيص وتقويم لحضورهم والآثار المسهمة في تطوير الشأن التربوي داخل نيابتهم وكذا على تراب الجهة، إنما هو وهم كبير، وهو في معظم الأحيان اعتقاد باطل بأن وضعا معينا يعيشه ""فلان أو علان"" في مرحلة معينة، هو الوضع الدائم الذي لابد أن تستقر عليه الآراء. وعلى هذه المسألة الأخيرة بالذات ينصب تساؤلنا: فهل صحيح أن "من الرأي الصائب" ألا يعمل بأقصى العقوبات وألا يحقق في الإجراءات ، إلا مع الصغار كما ينظر إليهم في نطاق التصحيح المزعوم؟. حتى هذه اللحظة، يبدو أن الجواب عن هذا السؤال لابد أن يكون بالسلب. فحينما يطالب بعض ذوي النيات الحسنة المسؤولين ببعض التصحيحات، سرعان ما يتم نعتهم بالتنطع ، وحين يطالب بتحديد المهام في إطار "المصلحة العامة للمجتمع"، حين يحدث كل ذلك تظل النتيجة هي التراخي والتكاسل في المقابل، مما يسبب في فقدان الروح الابتكارية وانعدام الطموح، و مما يؤدى كذلك إلى تراجع شامل في مستوى الإنتاج المردودية. أما صغار النفوس التي تركت المسؤول وشأنه يعمل من أجل نفسه، أو من أجل مشروعه الخاص، ولم تبذل أي جهد ولو من باب " أنصر أخاك ظالما أو مظلوما" فهي التي ظل حظها وازنا ويتشبث بها في جميع الظروف ( الدنيا حظوظ أليس كذلك يا...). في هذا الاتجاه كانت تسير سلوكات المسؤولين منذ بداية تسلمهم تدبير الشأن التربوي بالجهة ( وفي ظني أنها ستستمر، وأرجو أن أكون مخطئا ).حيث كنا من السباقين الذين نبهوا لهكذا سلوك، وحينها نعتنا بالمتسرعين، ونأمل ألا تتكرر الظاهرة. صحيح أن واقع المسؤولين كان في معظم الأحيان مختلفا عن هذا الأمل، وأن المبادئ السامية التي تذكر الفرد بأن يسلك من أجل غايات تتجاوز نطاقه الخاص، كانت تلقى مقاومة دائمة، بل كان المتشائمون يرون فيها سذاجة بالغة، على حين يراها المتفائلون مثلا أعلى يستحيل بلوغه كاملا وإنما يكفي الاقتراب منه بدرجة أو بأخرى - هذا كله صحيح، غير أن المنحنى العام للسلوك الأخلاقي والمعنوي للبشرية، قد سجل بالفعل اتجاها عاما، لا تخطئه العين، نحو تجاوز الإنسان لذاتيته، وعمله من أجل أهداف أوسع وأشمل مما يدخل في نطاق مصالحه الخاصة أو مصالح الأقربين إليه.وحقيقة الأمر أن الأحداث الأخيرة قد كشفت عن خلل أساسي، في كل من التشبث ببعض النواب وكذا تزكية البعض الآخر، والذي سيطر على طبيعة الدخول المدرسي وما ترتب عنه من مواجهة من جهة، والسكوت والمجاراة من جهة أخرى.هذه هي المرحلة التي نعيشها الآن، والتي تمثل تحولا أساسيا في العلاقة بين الأكاديمية من جهة، وبين الفاعلين الحقيقيين الغيورين على الشأن التربوي داخل هذه الجهة. غير أن هذه ليست المرحلة الأخيرة. فمازال في القصة، على الأقل، فصل واحد، هو ذلك الذي سنكتشف فيه، بالطريقة المدوية نفسها، خطأ أو صواب ما ذهبنا إليه أو ما دهب إليه الآخرون. ولكن المهم أن نتجنب الحكم على المستقبل البعيد من خلال ما حدث في فترة قصيرة، ساخنة ومفاجئة، كالأيام الماضية. فقد أحرزت الهيئات، بلا شك، انتصارها الحاسم، ولكن المسؤول الذي سيستعيد عافيته سيكتشف، عاجلا أو آجلا، أن عناصر أساسية قد هزمت، وسيتمرد على هذا الوضع بدوره، ساعيا إلى استرداد العناصر الضائعة والتي أتبثت التجربة نجاعة وفعالية أدوارها وليس سياسة " سيدي حبيبي".
بواسطة: المسائية العربية
بتاريخ : الإثنين 02-11-2009 12:53 صباحا